وثالثة يفرض أن الحكم الشرعي لا يترتّب عليه الضرر ، لا قهراً ولا بتوسط إرادة المكلف ، وإنما بتوسط إرادة شخص آخر. كما في قصة سمرة ، فإنّه كان مستحقاً لبقاء نخلته في مكانها. ومن الواضح أن هذا الحق حكم شرعي لا يترتّب عليه ضرر أصلاً ، لا بالمباشرة ولا بتوسط الجري على طبقه ، لأن غاية ما يترتب عليه أن سمرة يجوز له الدخول مع التحفظ على شؤون الأنصاري وعدم هتك كرامته ، ولا يترتّب على ذلك ضرر. نعم أراد سمرة أن يستغلّ هذا الحق لتعمّد الإضرار بالأنصاري والتعدّي على حرماته.
إذن لم يكن الحكم الشرعي منشأً للضرر لا بالمباشرة ولا بالواسطة ، وإنّما إرادة سمرة هي التي أدّت إلى تحقّق هذا الضرر.
والحاصل أنه في الفرض الأوّل هناك ضرر مالي واقع على المغبون ، وفي الثاني ضرر صحّي واقع على المتوضي ، وفي الثالث ضرر عرضي واقع على الأنصاري. فلو كنّا نحن وفقرة «لا ضرر» وحدها بلا ضمّ فقرة «لا ضرار» إليها ، فهي تشمل هذه الفروض الثلاثة ، فترفع الضرر المالي بنفي لزوم البيع ، وترفع الضرر الصحي بنفي وجوب الوضوء ، وترفع الضرر العرضي بنفي جواز الدخول بلا استئذان وحرمة هتك عرض الأنصاري. وهذا التحريم كاف لكي يتصدّى الشارع لبيان نفي هذا الضرر بحسب الخارج. إذن فهذا النفي المنصبّ على الضرر الوارد على الأنصاري ، لا يستفاد منه أكثر من أن الشارع لا يجيز لسمرة أن يوقع الضرر على الأنصاري بهتك حرمته ، وإنّما حرّم عليه ذلك.
أما بلحاظ فقرة «لا ضرار» فنقول : إننا ذكرنا فيما سبق أن «الضرار» معناه تقصّد الضرر وتعمّده بلا حقّ ، فهو متقوّم بركنين :