قلنا فيما سبق : إن مفاد القاعدة هو نفي الضرر الخارجي ، لكن لا بلحاظ تمام حيثياته وأسبابه ، بل هو إخبار عن النفي بلحاظ ما يرجع إلى الشارع من أسباب وجوده ، أي إن الشارع وضع تشريعه بنحو ينتفي فيه الضرر خارجاً. وبتعبير آخر : إنه نفي له في العالم الخارجي الذي فرض فيه أن يكون على طبق الشريعة. فالضرر المنفي بهذه القاعدة :
تارة يكون ناشئاً من تكليف إلهي ، من قبيل النقص المالي الناشئ من لزوم المعاملة الغبنية. فالمولى حينما يريد أن ينفي هذا الضرر خارجاً ، فلا بدّ أن ينفي سببه وهو اللزوم ، ومع نفيه يصح أن يقال إن الشارع نفى وقوع مثل هذا الضرر في الخارج.
وأخرى يفرض أن الضرر يكون مترتّباً على الحكم الشرعي ، لكن لا ترتباً قهرياً كما في النحو الأول ، بل بتوسط إرادة المكلّف المتضرّر نفسه ، كما لو فرض أن الضرر لا يترتّب قهراً على مجرّد إيجاب الوضوء ، بل يحتاج إلى توسيط إرادة المكلف لكي يترتّب الضرر ، إلا أن هذه الإرادة لما كانت تحت القهر والغلبة كما يعبّر الميرزا النائيني بمقتضى الأمر الإلهي الذي يقتضي الامتثال والعبودية ، فكأنها غير موجودة ، فيصير العبد مجرّد آلة لتحقّق الضرر خارجاً. من هنا يمكن أن يقال : إن هذا الضرر ناشئ من وجوب الوضوء ، ونفيه لا يكون إلّا بنفي هذا الوجوب.