بالتذهيب والتوريق ، وفي السقف خمس ثريات عظيمة من البلار توقد بالشمع ، وجدران هذه القبة فيها مرايا عظيمة ، وبين كل مرءاتين ثريات صغيرة من صفر ، بعضها فوق بعض توقد بالشمع ، وفي وسط هذه القبة مائدة قائمة على أعمدة ممتدة من مدخل القبة إلى قرب منتهاها ، وجعلوا على هذه المائدة ثلاثا وعشرين حسكة من المعدن ، كل حسكة فيها ثنتا عشرة شمعة ومنها ما فيه أقل ، وفي وسط كل حسكة مشموم من ألوان النوار قد رصف على نسب عجيبة وأشكال غريبة ، ولكل حسكة طاس تستقر عليه كالطبقة الكبرى ، رصف أيضا بالنوار كأنها زربيات ، وبين كل حسكتين مشموم عظيم من النوار أيضا ، منصوب على حسك أخرى ، ووجدنا هذه المائدة قد حفت بالشوالي ، وعلى المائدة قبالة كل شيلية ورقة فيها اسم الرجل الذي يجلس في تلك الشيلية وقدامه طبسيل من الطاووس العجيب وكؤوس بلار عديدة ، وجنوي وفيجكة ومعلقة كلها مموهة بالذهب ، فجلس كل واحد منهم في شيلية ، وأجلسوا كل واحد منا بمحله وكان جلوس الباشدور عن يمين ولد عظيم دولتهم ، وعن يمينه الترجمان ونحن في الجهة الأخرى مقابلون له ، ثم أخذوا يأتون بأطعمتهم على عادتهم ، فما تناولنا منها إلا الخبز والزبدة وأنواع الحلواء ، وكانوا يعرضون علينا أنواع الطعام التي يطوفون بها عليهم ، فكنا نشير إليهم بالامتناع (١)
__________________
(١) تعليق بطرة الصفحة كتبه لابنه عبد القادر الجعيدي. «لا شك أن هؤلاء أهل كتاب وطعامهم الذي لم يحرم في كتابنا حل لنا كما أن طعامنا حل لهم ولا يلزم تحريمه ، وإعراضهم من كتابهم وحرمة طعامهم علينا كما لا يلزم من إعراض بعضنا عن كتابنا حرمة طعامه على البعض الآخر». هذا الموقف أثار عند الأوربيين الكثير من الفضول ، وقد استطاع أحد الصحفيين الدخول إلى مقر إقامة السفارة المغربية صحبة الترجمان Bosio وكتب التقرير التالي : (Torino)La Lombardia «... ضيوفنا الأعزاء لا يأكلون لحم الخنزير ولا مشتقاته ، وكل ما يطبخ في المطابخ الأجنبية وغير المسلمة وهم يكتفون بأكل اللحوم المدبوحة ، حيث يوجه الشاة إلى القبلة أي مكان قبر الرسول ويدبح وينتظر حتى تسيل دماؤها وتسلخ وتقدم مطبوخة وهذه الطريقة صعبة ولكنها صحية ...» ، ثم تكلم عن شخصية السفير وشكل لباس المغاربة وغير ذلك.