أعلاها بقناطر وقيسى في بعض المواضع لا غير ، بحيث يمكن للإنسان الطواف بجميعها ، وينتقل من تربيعة إلى تربيعة بواسطة القسى الجامعة بينها /٢٩٣/ ومما يدلك على عظمة هذه الدار ، أني سألت عن عدد القبب التي فيها حيث رأيت كثرتها وعدم إمكان إحصائها في الوقت ، فقيل مائتا قبة وثلاث وثمانون قبة ، ولا تكاد ترى قبة على شكل أخرى بل لا بد من مغاير واختلاف في الوضع والهيئة واختلاف السقف ، وكذلك اختلف فراشها أي شواليها وكنابيسها في الألوان ، فمنها ما هي من الحرير الأحمر المشجر أعني تبطينها وتبطين جدرانها ، ومنها ما هو من الأخضر ومن الأصفر ومن جل الألوان مع تمويه الشوالي وجوانب المرايات العظيمة ، وفي قبة من تلك القبب إحدى عشرة ثرية من البلار ، وأخرى بها كرسي الملك يصعد إليه بأربعة درج مبطنة بالموبر الأحمر ، وفوق الكرسي كالمظل مبطن به أيضا ، وأخرى فيها فراش على ناموسية (١) عليها ستر من الحرير ، وفي قبتها كالمظل مبطن به أيضا ، مع ترييش بالحرير والذهب وفيها ثريتان عجيبتان أسفلهما كأسفل القصعة ، في قبة أخرى خزانة من العود البرازيل مرصعة بالحجر اليمانض على ألوان مورقة به ، وخزانة أخرى من ذلك العود مرصعة بألوان المرمر ، وأخرى مرصعة بالعاج ، وفيها مائدة مبسوطة من رخام مرمر ، وحواشيها مرصعة بتوريق حجر المرمر من ألوان ، بحيث حفر في الرخامة أولا ذلك التوريق واتخذ مثله من ألوان المرمر ، ودفن في حفر التوريق وصار مبسوطا مع الرخامة ، فمن حيثية النظر يرى ذلك التوريق كأنه طلاء لطيف ، وإذا مرت عليه اليد فلا تحس بشيء من أثر حفر ذلك التوريق ، وكنت تكلمت مع الترجمان ، فقلت هذا التوريق أصله طين يحل ويورق به ويطل على الجميع حتى يصير كأنه ذات واحدة ، فقال لا بل هو حجر (٢) المرمر مورق مدفون في ذلك المرمر الآخر ، وعند خروجنا من هذه الدار ، وشروعنا في المرور في اسطوان طويل
__________________
(١) انظر شرحها بالملحق : ٤.
(٢) في النحت على المرمر من الفنون الأصيلة عند الإيطاليين الذي كانوا يستخرجونه من مقالع جبال الألب ، أهمها مقلع Goia على جبل آلتيسيمو ينتج الرخام الشهير الكثير العروق والأبيض.
(L\'EncicloPédia Grolier, vol ١٤)