وفي مساء يوم الجمعة المذكور أوتي إلينا بالأكداش وركب الباشدور مع الترجمان الذي طلع من طنجة ، ونحن في أثره وتوجهت بنا إلى بعض تلك الجبال المسكونة ، فوصلنا إلى رأس جبل ، فخرج إلينا رجل (١) واستدعانا للدخول لقبة هو فيها هناك مع بعض عياله ، وهي مربعة صغيرة نحو عشرة أذرع طولا ومثلها عرضا ، وفيها سراجم بالزاج بجدرانها يشرف منها على المدينة ، وعلى ما وراءها من الجبال حتى على جبال إيطاليا كما بينها لنا صاحب القبة المذكورة. وله في هذه القبة أثاث وحوائج بقصد بيعها كالمراءات التي يرى بها ما بالبعد مختلفة في الكبر والصغر. منها ما هو أصغر من الأنملة لكن لا يرى بها بعين واحدة. ويرى فيها بعض الصور والأشكال ، وله هناك صنيدقات من العود صغار في كل واحدة زاجة وفي وسطه ورقات كاغد ، في بعضها صور طرق (٢) ليون وكيفية بناء ديارها وقببها والقناطير التي يمر البابور فوقها والماء يجري تحتها ، وغير ذلك من الهيئات ، وثمن هذا الصندوق خمسة وأربعون من الافرنك ، أعني (٣) تسع ريالات ، فمن كان عنده هذا الصندوق فكأنه يرى مدينة اليون عيانا ، ثم خرجنا منها ورجعنا مع أطراف المدينة بين أشجارها كأشجار الغابة ، وطرقها منسقة والوادي جار فيها ، وبقرب شاطئه أماكن مزروعة بالنوار فيها حياض
__________________
(١) ربما يقصد الباحث Antoine Lumière الذي أسس ورش عمل لتطوير فن التصوير الشمسي (الفوتوغرافيا) بضواحي مدينة ليون بMontPlaisir منذ ١٨٧٠ م ، صحبة ولديه Auguste (١٨٦٢ م ، ١٩٥٤ م) الكميائي وLouis (١٨٦٤ م ، ١٩٤٣ م) الفيزيائي ، اللذين أصبحا من كبار المنتجين في العالم للألواح الزجاجية الخاصة بالتصوير الشمسي ثم الأفلام الحساسة ، ودخلوا عالم السينا سنة ١٨٩٥ م ، وكانت المنافسة بين Frères Lumière Les والأمريكي Eastman George (١٨٥٤ م ، ١٩٥٢ م) الذي صمم آلة التصوير كوداك Kodak.
L\'Universelle Bordas, vol : VII: 774.
(٢) يلتقي بها نهر الرون Rhȏne بنهر الساؤون Sâne.
(٣) في سنة ١٨٧٦ م كان ٤٥ فرنك فرنسي ـ ٩ ريال. أي (ف. ف ـ ١ ريال) وحسب جاك كيلي أن : ١ فرنك فرنسي لسنة ١٨٧٦ ـ ٢٠٠ ف. ف. سنة ١٩٥٩.» السفارات والبعثات المغربية» مجلةHes ـ Peris ـ Tamuda سنة ١٨٦٠ م : ١٥٠ الرباط.