أربع (١) بعثات دبلوماسية. الأولى بقيادة الحاج عبد القادر أشعاش إلى فرنسا على عهد المولى عبد الرحمن ، والثانية برآسة إدريس العمراوي إلى فرنسا والحاج عبد الرحمان العاجي صحبة الكاتب محمد الطاهر الفاسي إلى أنجلترا ، أما الثالثة فبقيادة محمد بن عبد الكريم الشرقي سنة ١٨٦٦ م صحبة محمد بن سعيد السلاوي ، أما الرابعة فكانت بقيادة محمد الزبيدي الرباطي والكاتب إدريس الجعيدي وذلك على عهد السلطان الحسن الأول إلى فرنسا وبلجيكا وأنجلترا وإيطاليا دون إسبانيا التي حاولت عرقلة سفر الزبيدي ورفاقه إلى أوربا ، بقيامها بتحركات عسكرية شمال المغرب ، بهدف استفزاز المخزن المغربي وتخويفه من مغبة الإقدام على ما يتعارض مع المصالح الإسبانية بالمغرب مما دفع وزارتي الخارجية لكل من فرنسا وأنجلترا أن تطلب من الحكومة الإسبانية عن طريق سفيريهما (٢) بمدريد توضيحات عن هذه التحركات
__________________
(١) نتيجة هذا النشاط الدبلوماسي المتجه صوب أوربا ، تخلفت عدة أدبيات اهتمت بتصوير المدنية الغربية ، وبلورت في هذا الصدد أفكارا وآراء شكلت في مجموعها ما يقرب من رؤية حضارية هي في عداد الرؤى الاستراتيجية. ولا أرى كبير فائدة من أن استقصى كل الرحلات السفارية المغربية كخلفية عامة ، لأن ذلك يتطلب أن أفرد له بحثا خاصا ومستقلا لا يتسع مداه داخل دراستي ، وإنما الذي أهتم به هو أن أضع رحلة الجعيدي إلى أوربا في مكانها التاريخي وسط باقي الرحلات السفارية المغربية التي سجلت لنا المظاهر الأولى للحضارة الأوربية خلال القرن ١٩ م ، حتى تكون دراستي شاملة وواعية بتطور هذا النوع من الرحلات ، والتي كانت تهتم بمشكلة تبادل الأسرى والقرصنة البحرية في ما سبق كما يلاحظ ذلك من عناوينها.
(٢) أبرق سفير فرنسا بطنجةTissot إلى وزيره Decasses يخبره بتشكرات السلطان الحسن الأول على ما قام به من مجهودات لوقف الحملة الإسبانية ، والحق بهذه البرقية الرسالة التي توصل بها من السيد بركاش نيابة عن السلطان وهي على سبيل السر ، وهذا نصها العربي «إن سيدنا نصره الله بلغه خبر سري بأن باشدور الدولة الفرنسية بمدريد مع باشدور النجليز حين سمعوا بأن دولة الصبنيول مرادها في توجيه المراكب لطنجة والمحلة لسبتة ، كانا سألا وزير الصبنيول فيما هو سبب ذلك ، وما قصروا في الكلام مع الوزير المذكور لدفع ما يجب الغيار ، وسيدنا أيده الله أمرني نجازيكم خيرا على ذلك إذ بذلك ثبت مرادكم في الخير ودوام المهادنة في إيالته والسلطان أيده الله دائما موجود لإعطاء الحق لجميع الدول ولا يحتاج لمراكب ولا لمحلة ، ونحن نجدد المجازات على لسانه لجانبكم طالبين