لون يجعلونه في محل ويفرقون بينها /٢٣١/ بألوان ذلك النبات ، وهو متساوي في الارتفاع مزدحم في الغرس ، كذلك النوار قريبة التساوي والازدحام ، حتى أنهم يجعلون في الحياض توريقا من الألوان يملأون ما بينها بألوان النبات ، وفي بعض الحياض يجعلون حروفا من ألوان النوار ويكتبون بها ما شاءوا ، فلما انتهينا إلى تلك العرصة لم نجد فيها غير الأشجار التي لا تثمر بها ، والطرق مفصلة فيها متقاطعة ، وفيها رياض (١) كثيرة ، منها ما هو على شكل الزرابي طولا وعرضا رصفت بألوان النوار ، لا يمل الناظر من النظر إليها من حسن ذلك الوضع وتناسب ألوانه ، ومنها ما هو على شكل الدائرة ، ومنه ما هو دوائر متقاطعة ، وبالجملة فما يصنع عندهم في التوريق والدوائر في العود والأبنية يجعلون غالبه بالألوان في حياض رياضهم ، وفي هذه العرصة قبة من الزاج (٢) مربعة ، وداخلها محابق فيها ألوان النوار موضوعة فوق موائد من العود ، وتحت الموائد جعبات حديد غلاظ ممتدة بامتدادها ، يقال أن في أوان البرد يجعلون فيها الماء الحار صيانة لذلك النبات ، وذكر أن الحياض التي عندهم بالطرق إذا قرب أوان البرد ينزعونها من ذلك المحل ويغرسونها في المحابق ، وتجعل في قبب الزاج ، وتحتها حرارة الماء الذي في تلك الجعبات ، وفي هذه القبب أنواع من الدوم يجعلونه في المحابق ، فمنه ما هو شبيه بالدوم في الغرب عندنا ، ومنه نوع من بر
__________________
(١) أبرز محمد الطاهر الفاسي في رحلته الإبريزية أهمية هذه الحقول الاصطناعية التجريبية لتحسين وانتقاء أجود أنواع النباتات والمغروسات «... ذهبنا بإذن الملكة لبستان عظيم لها يجتمعون فيه أعني النصارى من السنة إلى السنة ، ويأتي كل واحد بما له من غلل الأشجار ، من ثمار وأزهار ... فإذا رأت أن إحدى ثماره جيدة سالمة من العاهات ، أو أزهارها كذلك أعطته عطاء جزيلا ...» ، يقصد حديقة النباتات الملكية كيو Royal Botanio Cardens Kew.
(٢) «... ورأينا قبابا مركبة من خشب وزجاج ... وبإزاء القبة محل فيه ماء ، ومحل آخر معد للنار و ـ مكينة ـ تطبخ ذلك الماء ... وجعاب من حديد متصلة بعروق تلك الأشجار ... فإذا طبخ خرج منه ... البخار يدخل في تلك الجعاب فيسري إلى عروق تلك الأشجار فتنضج وتلد في أقرب وقت ...» ، (رحلة الفاسي الإبريزية : ٣٣) ، يعتقد أن حرارة الماء تصل مباشرة لعروق النباتات ، بل هي لحمايتها من شدة البرودة كما جاء عند الجعيدي.