فركب صاحب السر كدشه الخاص ، ومعه ترجمان الدولة وقائد المشور ، وركب / ٧٧ / الأمين وكاتبه في كدش آخر ، والمخازنية الخمسة في كديشين بعد ، وذلك بعدما لبسنا الكساوي التي أنعم بها مولانا علينا أنعم الله عليه بخر الدارين ، وتقبل عمله وبلغه قصده وأمله ، وهي لكل واحد قفطان عجمي ، وسروال وسلهام سكري من ملف البحر الكبير ، وفرجية وقميص بالحرير وقلنسوة ، وشقة حياتي ، وحايك فاسي رفيع. وللمخازنية مضمات جلد بالحرير ، ثم سرنا وصاحب السر أمامنا ، ونحن بعده إلى أن وصلنا لدار المخزن ، فدخلنا إلى المشور فوجدنا صفين من العسكر محيطين بجدرانه ، مع كل واحد آلة حربه ، فزدنا إلى القبة التي فيها كبير الدولة فارتقينا إليها في درج بين صفين من العسكر يمينا ويسارا ، لم أتحقق بوصف كساويهم لعدم الإلتفات إليهم إذ ذاك ، فدخل صاحب السر أولا وتبعه كاتبه وكان بيده الكتاب الشريف في غشائه من موبر مرقوم بالصقلي الذي صاحبه معه صاحب السر المذكور لكبير الدولة ، والأمين قريب منا والمخازنية / ٧٨ / الخمسة وراءنا ، فوجدنا كبير الدولة واقفا في وسط القبة ووزراؤه واقفون خلفه ، ورؤوسهم مكشوفة على عادة أدبهم. ونحن دخلنا على زينا وأجنحة سلاهمنا مرسلة. ثم إن صاحب السر كان أراد أن يتكلم دون ورقة بيده ، فكن طلب منه ترجمان الدولة قبل أن يكتبه في ورقة ويأخذ منه نسخة يعربها (١) ، وعند الملاقاة يقرأ تلك الورقة على كبير الدولة ، فيجيبه في ورقة يقرأها كذلك ، فقرأ تلك الورقة (٢) جهرا كبير الدولة ، فلما وصل إلى الكلام على
__________________
(١) يقصد ترجمتها إلى اللغة الفرنسية.
(٢) «... نعلمك أنه أيده الله مسرور بهذه المحبة الجديدة ... ويراعى حق الجوار ونجازيكم على لسانه ... بتوجيه سفيركم المسيو «طيسو» لتهنئته بالجلوس على سرير ملك أسلافه ... ونرجو أن نرجع من حضرتكم بما يزيد هاتين الدولتين رسوخا ... ونؤمل أن يوصي من يعينه للمفاوضة معنا في الأمور ... ويسهل طريق البلوغ إلى رفع الضرر الحاصل فيها ...». النص الكامل لخطبة الزبيدي. ابن زيدان ، إتحاف ، ٢ : ٢٨٢ ، ٢٨٣.