ويقولون : «هي خيرة النساء» «هن خيرات النّساء» لا يكادون يفردونه وإفراده جائز. وفي كتاب الله عزوجل (فيهنّ خيرت حسان) (٧٠) [الرّحمن : الآية ٧٠] وذلك أنه لم يرد «أفعل» وإنما أراد تأنيث الخير لأنه لما وصف فقال : «فلان خير» أشبه الصفات فأدخل الهاء للمؤنث.
وقال (تظّاهرون عليهم بالإثم والعدوان) [الآية ٨٥] فجعلها من «تتظاهرون» وأدغم التاء في الظاء وبها نقرأ. وقد قرئت (تظهرون) [البقرة : الآية ٨٥] مخففة بحذف التاء الآخرة لأنّها زائدة لغير معنى. وقال (وإن يأتوكم أسرى) وقرئت (اسارى) ، وذلك لأن «أسير» «فعيل» وهو يشبه «مريضا» لأنّ به عيبا كما بالمريض ، وهذا «فعيل» مثله. وقد قالوا في جماعة «المريض» : «مرضى» وقالوا (اسارى) فجعلوها مثل «سكارى» و «كسالى» ، لأنّ جمع «فعلان» الذي به علة قد يشارك جمع «فعيل» وجمع «فعل» نحو : «حبط» و «حبطى» و «حباطى» و «حبج» و «حبجى» و «حباجى». وقد قالوا (أسرى) [البقرة : الآية ٨٥] كما قالوا (سكرى) [النّساء : الآية ٤٣].
وقال بعضهم (تفدوهم) [الآية ٨٥] من «تفدي» وبعضهم (تفدوهم) [الآية ٨٥] من «فادى» «يفادي» وبها نقرأ وكل ذلك صواب.
وقال (فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلّا خزى) [الآية ٨٥] ، وقال (ما هذا إلّا بشر مّثلكم) [المؤمنون : الآية ٢٤] و (ما أمرنا إلا واحدة) [القمر : ٥٠] رفع ، لأن كل ما لا تحسن فيه الباء من خبر «ما» فهو رفع ، لأن «ما» لا تشبه في ذلك الموضع بالفعل ، وإنما تشبه بالفعل في الموضع الذي تحسن فيه الباء ، لأنها حينئذ تكون في معنى «ليس» لا يشركها معه شيء. وذلك قول الله عزوجل (ما هذا بشرا) [يوسف : الآية ٣١] ؛ وتميم ترفعه ، لأنه ليس من لغتهم أن يشبهوا «ما» بالفعل.
وأما قوله (وإذ أخذنا ميثق بنى إسراءيل) [الآية ٨٣] ثم قال (وقولوا للنّاس حسنا) [الآية ٨٣] ثم قال (ثمّ تولّيتم مّن بعد ذلك) [الآية ٨٣] فلأنه خاطبهم من بعد ما حدث عنهم وذا في الكلام والشعر كثير. قال الشاعر : [الطويل]
١١٠ ـ أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة |
|
لدينا ولا مقلية إن تقلّت (١) |
__________________
(١) البيت لكثير عزة في ديوانه ص ١٠١ ، ولسان العرب (سوأ) ، (حسن) ، (قلا) ، والتنبيه والإيضاح ١ / ٢١ ، وتهذيب اللغة ٤ / ٣١٨ ، والأغاني ٩ / ٣٨ ، وأمالي القالي ٢ / ١٠٩ ، وتزيين الأسواق ١ / ١٢٤ ، وتاج العروس (سوأ) ، (قلي).