جهة الموضوع ، فإن موضوعه كلام الله تعالى الذي ينبوع كل حكمة ومعدن كل
فضيلة. وثانيها من جهة الغرض ، فإن الغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى ، والوصول
إلى السعادة الحقيقية التي هي الغاية القصوى. وثالثها من جهة شدة الحاجة ، فإن كل
كمال ديني أو دنيوي مفتقر إلى العلوم الشرعية ، والمعارف الدينية ، وهي متوقفة على
العلم بكتاب الله تعالى.
فائدة
: اختلف الناس
في تفسير القرآن ، هل يجوز لكل أحد الخوض فيه؟ فقال قوم : لا يجوز لأحد أن يتعاطى
تفسير شيء من القرآن ، وإن عالما أدبيّا متسعا في معرفة الأدلة ، والفقه ، والنحو
، والأخبار ، والآثار ، وليس له إلا أن ينتهي إلى ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم في ذلك.
ومنهم من قال :
يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها ، وهي خمسة عشرة علما :
اللغة والنحو ، والتصريف والاشتقاق ، والمعاني والبيان والبديع ، وعلم القراءات
لأنه يعرف به كيفية النطق بالقرآن ، وبالقراءات يرجح بعض الوجوه المحتملة على بعض
، وأصول الدين ، أي الكلام ، وأصول الفقه ، وأسباب النزول ، والقصص إذ بسبب النزول
يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه ، والناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم
من غيره ، والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المبهم ، والمجمل ، وعلم الموهبة ، وهو
علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم ، وإليه الإشارة بحديث : «من عمل بما علم
أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم». وقال البغوي والكواشي وغيرهما : التأويل وهو
صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها ، تحتمله الآية غير مخالف للكتاب
والسنة ، غير محظور على العلماء بالتفسير ، كقوله تعالى : (انفروا خفافا وثقالا) ، قيل : شبابا وشيوخا ، وقيل : أغنياء وفقراء ، وقيل :
نشاطا وغير نشاط ، وقيل : أصحاء ومرضى. وكل ذلك سائغ والآية تحتمله.
وأما التأويل
المخالف للآية والشرع فمحظور ، لأنه تأويل الجاهلين ، مثل تأويل الروافض قوله
تعالى : (مرج البحرين يلتقيان) (١٩) أنهما عليّ وفاطمة (يخرج منهما اللّؤلؤ
والمرجان) (٢٢) يعني الحسن والحسين.
__________________