٤٥ ـ ألا هبّي بصحنك فاصبحينا |
|
ولا تبقي خمور الأندرينا (١) |
إذا وقفوا. فإذا وصلوا قالوا : «من بعض» و «الأندرينا» وذلك في رؤوس الآي كثير نحو قوله (بل لّمّا يذوقوا عذاب) [ص : الآية ٨] [و] (وإيّى فاتّقون) [الآية ٤١]. فإذا وصلوا أثبتوا الياء. وقد حذف قوم الياء في السكوت والوصل وجعلوه على تلك اللغة القليلة وهي قراءة العامة وبها نقرأ لأن الكتاب عليها.
وقد سكت قوم بالياء ووصلوا بالياء ، وذلك على خلاف الكتاب ، لأن الكتاب ليست فيه ياء وهي اللغة الجيدة. وقد سمعنا عربيا فصيحا ينشد : [الطويل]
٤٦ ـ فما وجد النّهديّ وجدا وجدته |
|
ولا وجد العذريّ قبل جميل (٢) |
يريد «قبلي» فحذف الياء. وقد أعمل بعضهم «قبل» إعمال ما ليس فيه ياء فقال : «قبل جميل» وهو يريد «قبلي». كما قال بعض العرب «يا ربّ اغفر لي» فرفع وهو يريد «يا ربّي».
وأما قوله (وتظنّون بالله الظّنونا) [الأحزاب : الآية ١٠] ، و (أضلونا السبيلا) [الأحزاب : ٧٦] فتثبت فيه الألف لأنهما رأس آية ، لأن قوما من العرب يجعلون أواخر القوافي إذا سكتوا عليها على مثل حالها إذا وصلوها وهم أهل الحجاز. وجميع العرب إذا ترنموا في القوافي أثبتوا في أواخرها الياء والواو والألف.
وأما قوله (يأبت إنّى أخاف) [مريم : الآية ٤٥] فأنث هذا الاسم بالهاء كقولك «رجل ربعة» و «غلام يفعة». أو يكون أدخلها لما نقص من الاسم عوضا. وقد فتح قوم كأنهم أرادوا «يا أبتا» فحذفوا الألف كما يحذفون الياء ، كما قال الشاعر : [الوافر]
ولست بمدرك ما فات مني |
|
ب «لهف» ولا ب «ليت» ولا «لواني» (٣) |
يريد : «لهفاه». ومما يدلك على أن هذا الاسم أنث بالهاء قول الشاعر : [الطويل]
__________________
(١) البيت لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص ٦٤ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٧٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٥١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١١٩ ، ولسان العرب (مدر) ، (ندر) ، (صحن).
(٢) البيت بلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٥٤٥ ، والدرر ٣ / ١١٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٠.
(٣) تقدم البيت مع تخريجه برقم ٤١.