عن حدودها واتساعها لكلّ اعتبار شرعي ولو لم يكن اقتضائيّا.
وبعبارة أخرى بعد أن عرّفنا الأحكام الوضعيّة بأنّها الاعتبارات الشرعية لا من حيث الاقتضاء والتخيير ، هل ترفع بامتثال (لا حرج) من الأدلّة النافية؟
وقد أجاب أكثر الفقهاء بعدم شمولها لها ؛ لعدم الإلزام في الحكم الوضعي ، وكأنّهم استفادوا من كلمة (عليكم) في الآية الشريفة نوعا من الإلزام ، أو فقل : تسلّط الرفع على خصوص الأحكام الملزمة ؛ لأنّها هي التي تناسب كلمة (عليكم).
نعم ، الأحكام التكليفيّة الناشئة والتابعة لبعض الأحكام الوضعيّة هي التي تكون صالحة للرفع إذا ما تسبّب عنها حرج.
وكمثال على ذلك : الصحّة في البيع ـ وهي حكم وضعي ـ إذا تسبّب عنها حرج للمكلّف هل ترتفع؟
ونودّ أن نشير هنا إلى أنّه هل يمكن تصوّر نشوء الحرج من نفس حكم الشارع بالصحّة ، أو أنّ الحكم الحرجي هو إلزام الشارع بالوفاء بالعقد بدليل آية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) أمّا نفس الصحة ـ بما هي صحة ـ أي مع غض النظر عن الحكم التكليفي التابع لها فلا ينشأ عنه حرج؟
الظاهر أنّه يشكل تصوّر الحرج فيها نفسها ، وإذا قدّر نشوء حرج من مثل هذا الحكم فإنّ قاعدة (لا حرج) لا تقصر عنه ، بل تتناوله وترفعه (٢) ، نعم هي ترفع ما به الحرج ، دون سائر الآثار والأمور الأخرى ، لما ذكر مرارا من أنّ «الضرورات تقدّر بقدرها».
وممّا يتّصل بالموضوع ويحسن أن ننبّه عليه ، هو أنّ مثل الطهارة والنجاسة هل هي أحكام شرعية ، واعتبارات مجعولة من قبل الشارع لمثل الدم ونحوه ، أو أنّها
__________________
١ ـ المائدة : ١.
٢ ـ القواعد الفقهية للبجنوردي ١ : ٢٥٦.