المبحث الثالث
ملاحظات حول المناهج السابقة
والملاحظ على أكثر ما كتب ممّا اطّلعنا عليه من كتب القواعد الفقهية أنّ القواعد فيها لم تدرس دراسة منهجية ، تعرض لتحديد المدلول العلمي للقاعدة ، ثمّ لمصادرها الشرعية أو العقلية ، والشبهات التي تثار حولها سندا ودلالة ، والاستثناءات التي تدخل عليها ـ إن وجدت ـ ومجالات تطبيقها ، إلى غير ذلك من مقتضيات البحث المنهجي.
كما يلاحظ على هذه الكتب أنّها لم تقتصر على عرض ما يصلح أن يكون قاعدة فقهية ، وإنّما عرضت بالإضافة إلى ذلك قواعد ليست من الفقه وإن لابسته ، كما عرضت لمسائل فقهية لا يمكن أن ينطبق عليها عنوان القاعدة ، وقد تضخم لذلك عدد ما عرض في بعضها حتى تجاوز خمسمائة قاعدة ومسألة. (١)
وكان الأولى من الناحية المنهجية أن تقصى هذه المسائل والقواعد لتوضع في مواضعها الطبيعية من العلوم الأخرى ، أو تبحث في بحوث التمهيد ، إن لم يكن لها مكان محدّد في بقية العلوم ، وكان ممّا يحتاج إليه الفقيه في مجالات استنباطه.
وقد لاحظنا نفس هذه الملاحظة على أكثر الكتب التي ألّفت في علم الأصول ،
__________________
١ ـ ذكر القرافي وهو يتحدّث عن كتابه : «وجمعت فيه من القواعد خمسمائة وثمانية وأربعين قاعدة ، أوضحت كلّ قاعدة بما يناسبها من الفروع». الفروق ١ : ١١.