ارتكاب كثير من المفاسد إذا زوحمت بمصلحة أهمّ ، فالتجّار مثلا يسافرون إلى
أقاصي الدنيا ، ويخسرون من الأموال الطائلة بأمل الحصول على الربح ، فوهم الربح
عندهم يكفي أحيانا لارتكاب كثير من مفاسد الخسارة المالية التي تستدعيها أسفارهم
عادة.
الرأي المختار
وعلى هذا فإنّ
القول بأنّ درء المفسدة ـ أي دفعها ـ أولى من جلب المصلحة ليس صحيحا على إطلاقه ،
وإنّما ينظر عادة إليهما بشيء من الموازنة ، ثم يقدّم الأهمّ وفقا لما سبق أن ذكرناه من قواعد الترجيح في باب
التزاحم.
***
أمّا القواعد
الأخرى ، أعني :
قاعدة : «الضرر
الأشدّ يزال بالضرر الأخفّ»
قاعدة : «يختار
أهون الشرّين»
قاعدة : «إذا
تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما بارتكاب أخفّهما»
فهي صريحة في
تقرير مبدأ الأهمّية في باب التزاحم ؛ لأنّ أعظم الشرّين أو أعظم المفسدتين يكون
التجنّب عنه أهمّ في نظر الشارع ؛ لذلك يقدّم في مجال الترك ، ويرتكب الأهون
والأخفّ دفعا له كما هو واضح.
__________________