فيها! لم يكن عليه شيء ولا ضمان ، ولكن ليغطها (١). وأنت ترى أن التسبب في هذا النوع وسابقه على نحو واحد ، وإن نسبة الإتلاف للمتصرف في طريق المسلمين وفي منزله ليست على نحو الحقيقة ، وهذا يدل على أن الضمان في النوع للأول من جهة تصرفه تصرفا لا حق له فيه ، لأنه مزاحم لحق غيره ، فهو أشبه بالعقوبة ، وليس لأنه متلف بنحو التسبيب بخلاف تصرفه في ملكه الخاص.
وربما يتوهم متوهم أن الأمر بالتغطية يقتضي الضمان مع عدمها. وفيه أنه لا يقتضي ذلك لعدم الملازمة بين الأمر بالتغطية وبين الضمان كما أنه لا ملازمة بين وجوب إنقاذ الغريق ، وبين ضمانه لو تعمد عدم إنقاذه ، سواء كان هذا الأمر إرشاديا أو مولويا على نحو الاستحباب أو الوجوب ويدلك على ذلك ، إن إنقاذ الغريق وأجب بلا ريب ومع ذلك فلو ترك الإنقاذ أو تهاون فهلك كان آثما. ولم يكن ضامنا فأنا لا نعرف فقيها ذكر الضمان في هذا الحال.
هذا مضافا إلى أن ظاهر الأمر بالتغطية بعد الحكم بعدم الضمان هو الحث على التحفظ لئلا يقع ما وقع. ولو كان دخيلا في الضمان لوجب الإشارة إليه ، وتفريع الضمان على إهماله.
وهل يفرق بين من دخل بغير إذن المالك فلا يكون مضمونا ، للأصل ، ولأنه هو القدر المتيقن من النص وبين من استأذن فأذن له أو استدعاه فأجاب ، فيكون مضمونا عليه لكونه سببا من حيث الإذن وإهماله الإعلام بالحفر أو من حيث الاستدعاء لكونه حينئذ غارا له أو مفرطا به احتمالان.
أظهرهما عدم الضمان مطلقا للأصل ولاطلاق النص ولانتفاء الغرور والتفريط. أما انتفاء الغرور ، فلأنه عبارة عن الترغيب في الشيء والإغراء به. بقصد الوقوع فيه ، كما هو ظاهر النصوص التي يجمعها قولهم المغرور يرجع على من غرّه ، وهذا ليس منه بالضرورة نعم إذا كان قاصدا إيقاعه في الحفيرة كان منه.
__________________
(١) الوسائل م ١٩ ب ٨ من أبواب موجبات الضمان ص ١٧٦ ح ٤