نعم إذا كان للعلم بالعدم أثر شرعي جرى استصحاب عدمه ، وعلى ما ذكرناه يبتني ما ذكره شيخنا الأنصاري رحمهالله في (رسائله) في الشك في الحجية في باب الظن ، وفي الشك في وجوب الالتزام ظاهرا بما يحتمل موافقته للواقع بمعنى الحكم في الظاهر بما يحتمل الموافقة للواقع كما ذكره في أوائل مبحث الظن ، وفي أوائل مبحث الدوران بين المحذورين في البراءة ، وما ذكره في باب استصحاب وجوب الفرد الباقي ، لأجل إحراز نية الوجه في فردي المعلوم بالإجمال اللذين فعل أحدهما أو تعذر كما ذكره مكررا في باب الاشتغال والاستصحاب حسبما أتخطره (١).
٥ ـ قاعدة
في مقابلة الجمع بالجمع تقتضي التوزيع
إذا قوبل الجمع بالجمع ، كما إذا قيل : خذوا أمتعتكم واركبوا خيولكم ، وسلوا سيوفكم ، اقتضى التوزيع ، بمعنى أن كل واحد يأخذ متاعه ويركب فرسه ويسل سيفه ، لا أن الجميع يأخذون متاعا واحدا ويركبون فرسا واحدا ، ويسلون سيفا واحدا ولا أن كل واحد منهم يركب خيل الجميع ويأخذ أمتعة الجميع ، ويسل سيوف الجميع.
ومأخذ هذه القاعدة هو ظهور الكلام في التوزيع بنظر أهل المحاورة ، وبعد حجية الظواهر يكون المقام من صغرياتها ، فإن تم ذلك فهو المطلوب ، وإلا فلا دليل على حجيتها ، فإنها لم ترد في لسان آية ولا رواية ولا معقد إجماع.
ثم إن كثيرا من الأمثلة التي يظن أنها من موارد هذه القاعدة يكون مشتملا على قرائن ، بعضها يدل على التوزيع ، وبعضها يدل على عدمه.
فمن الأول ، قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ.) وقوله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ.) وقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) ... فإنه لا يريد أمر كل نملة بدخول جميع المساكن ، ولا أمر جميع النمل
__________________
(١) حررت ليلة الخميس وصبيحته ٧ رمضان سنة ١٣٨٠ ه في قلعة سكر ـ العراق.