قلت : السبق الزماني على وجود الموضوع لا ينافي التأخر الرتبي عنه فان وجود المعروض وعدمه نقيضان ، وهما في رتبة واحدة ، ووجود العارض وعدمه نقيضان وهما في رتبة واحدة أيضا ، فعدم العارض لما كان بمنزلة المعلول لعدم المعروض كان متأخرا عنه رتبة ، وهو عين تأخره عن وجود المعروض المتأخر زمانا ، لكون وجود المعروض في رتبة عدمه فالمتأخر عن أحدهما متأخر عن الآخر ، وتأخر وجود المعروض زمانا لا ينافي ذلك.
وبالجملة : ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، ومقتضى الفرعية الانتفاء عند الانتفاء المعبر عنه بالسالبة بانتفاء الموضوع ، فإذا وجد زيد بعد العدم صح أن يقال : لم يكن زيد موجودا ـ يعني : قبل أن يوجد ـ كما يصح أن يقال : لم يكن زيد هاشميا ، وبعد ما تبدل الأوّل بنقيضه وصح أن يقال : وجد زيد ، فإذا شك في تبديل الثاني بنقيضه يبنى على بقائه ، فيقال بعد ما وجد زيد : لم يكن هاشميا. بالاستصحاب ، وقد عرفت أن السلب بانتفاء الموضوع عين السلب بانتفاء المحمول لا غيره ، فلا مانع من استصحابه عند الشك فيه.
ودعوى : أن التقابل بين عدم المحمول ووجوده المأخوذين في موضوع الحكم الشرعي ـ مثل القرشية واللاقرشية ـ تقابل العدم والملكة ، لا تقابل النقيضين ، وعدم العارض عند عدم المعروض يقابل وجود العارض عند وجود
__________________
ـ وليس متأخرا عن عدمها ، مع ان وجودها وعدمها في رتبة واحدة.
وهنا شيء آخر وهو ان التقدم والتأخّر في الرتبة لا يترتب عليهما الاحكام الشرعية مطلقا وانما يترتب عليهما الاحكام العقلية فافهم ذلك.