جريانه ، لعموم الأدلة بعد اجتماع أركانه من اليقين والشك (ودعوى) : أن العدم الأزلي مغاير للعدم اللاحق للوجود ، لكون الأوّل عدما لعدم الموضوع ، والثاني عدما لعدم المقتضي أو لوجود المانع ، وليس عدم الموضوع دخيلا فيه ، لفرض وجوده. (مندفعة) : بأن هذا الاختلاف لا يستوجب اختلافهما ذاتا ، وانما يستوجب اختلافهما منشأ وعلة ، وذلك لا يمنع من الجراء الاستصحاب ، ولا يوجب التعدد عرفا ، كما يظهر من ملاحظة النظائر ، فإنه يجوز استصحاب ترك الأكل والشرب للصائم بعد الغروب ، مع أن الترك إلى الغروب كان بداعي الأمر الشرعي ـ وهو منتف بعد الغروب ـ والترك بعده لا بدّ أن يكون بداع آخر.
فإن قلت : عدم العارض لما كان نقيضا لوجود العارض ، ولا بدّ من وحدة الرتبة بين النقيضين ، ومن المعلوم أن وجود العارض متأخر رتبة عن وجود المعروض ، فعدم العارض المأخوذ قيدا في الحكم لا بدّ أن يكون متأخرا رتبة عن وجود الموضوع (١) والعدم الأزلي ليس كذلك ، لأنه سابق على وجود الموضوع.
__________________
(١) أقول : عدم العارض وان كان في مرتبة وجوده المتأخر عن وجود المعروض ، لكنه ـ أي عدم العارض ـ ليس بمتأخر رتبة عن وجود الموضوع لفقد ملاك التقدم والتأخر في الرتبة بينهما ، نعم هو متأخر عن عدم المعروض تأخر المعلول عن علته أو جزء منها. وقياس أن المتأخر عن احد المتساويين متأخر عن آخرهما ممنوع فانه إنما يتم في التقدم والتأخر والتساوي من حيث الزمان أو المكان أو الشرف دون الرتبة. فوجود المعلول متأخر رتبة عن وجود العلة