الأخطار وأهوال النار كالبحر الذي لج براكبه ، فيورده مشارع المنية ويفيض عليه سجال البلية ، وجعل أهل بيته عليه وعليهمالسلام مسبب الخلاص من مخاوفه والنجاة من متالفه ، وكما لا يعبر البحر الهياج عند تلاطم الأمواج إلاّ بالسفينة ، كذلك لا يأمن نفخ الجحيم ولا يفوز بدار النعيم إلاّ من تولى أهل بيت الرسول صلوات الله عليه وعليهم ، وتخلى لهم وده ونصيحته وأكد في موالاتهم عقيدته ، فإن الذين تخلّفوا عن تلك السفينة آلوا شر مآل وخرجوا من الدنيا إلى أنكال وجحيم ذات أغلال ، وكما ضرب مثلهم بسفينة نوح قرنهم بكتاب الله تعالى فجعلهم ثاني الكتاب وشفع التنزيل » (١).
وقال السمهودي في تنبيهات الذكر الخامس : « ثانيهاقوله صلّى الله عليه وسلّم : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه ، الحديث ، ووجهه أن النجاة ثبتت لأهل السفينة من قوم نوح عليهالسلام ، وقد سبق في الذكر قبله في حثّه صلّى الله عليه وسلّم على التمسك بالثقلين كتاب الله وعترتهقوله صلّى الله عليه وسلّم فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، وقوله في بعض الطرق : نبأني اللطيف الخبير، فأثبت لهم بذلك النجاة وجعلهم وصلة إليها ، فتم التمسك المذكور ، ومحصله الحث على التعلّق بحبلهم وحبهم وإعظامهم شكرا لنعمة مشرفهم صلّى الله عليه وعليهم ، والأخذ بهدي علمائهم ومحاسن أخلاقهم وشيمهم ، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة وأدى شكر النعمة الوافرة ، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان فاستوجب النيران » (٢).
وقال ابن حجر : « ووجه تشبيههم بالسفينة فيما مر : إن من أحبهم وعظمهم شكرا لنعمة مشرفهم صلّى الله عليه وسلّم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في مفاوز ( تيّار ـ
__________________
(١) تفسير الواحدي ـ مخطوط.
(٢) جواهر العقدين ـ مخطوط.