٢٢١ ـ فما لمت البناة ولم يلوموا |
|
ذيادي حين جدّ بنا الزحام |
٢٢٢ ـ إذا مدّوا بحبلهم مددنا |
|
بحبل ما لعروته انفصام (١) |
(أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ). (٢٥٨)
أي : بموفور الحال وجموم المال ، وجموع الرجال ، لا بتمليك الأمر بدليل قوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٢) ولأنّ الاستصلاح بالفاسد محال.
(فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ).
ليس بانتقال عن الحجة الأولى ، ولكن لمّا رأى عناد نمروذ حجة الإحياء ، وتمويهه بتخلية واحد وقتل آخر. كلّمه من وجه لم يمكنه معاندته ، وذلك أنهم كانوا أصحاب تنجيم وتعظيم للكواكب ، وحركة الشمس وجميع الكواكب من المغرب إلى المشرق معلومة ، إلا أنها في الكواكب الثابتة الأبعاد قليلة المقدار ، وفي السايرة كثيرة ظاهرة ، وفي القمر جهة سرعته أبين ، فإنه من عند إهلاله في الأفق الغربي يزداد كلّ ليلة من الشمس بعدا إلى أن يستقبلها ليلة انتصاف الشهر ، فظهر أنه يسير من المغرب إلى المشرق ، فكانت هذه حركة الكواكب الذاتية الطبيعية.
ثمّ إنّ الله بعظيم قدرته ، وعميم رحمته كيلا يكون النهار سرمدا ، وللمصالح أجرى محركها بحركة أخرى قسرية قهرية من المشرق إلى المغرب ؛ كتحريك السفينة مثلا ركابها إلى جهة جريان الماء ، وهم متحركون فيها إلى خلاف جهته ، وهذه الحركة هي التي بها ترى الشمس وكلّ كوكب طالعا ، ومرتفعا رويدا ثم غاربا غائبا ، وإلى مطلعه الأول إنما دائما ، وذلك عند شمام (٣) كل يوم وليلة.
__________________
(١) البيتان في ديوان جرير ص ٤١٨.
(٢) سورة البقرة : آية ١٢٤.
(٣) أي : ارتفاع.