وقيل : أمنا للخائف إذا عاذ به والتجأ إليه ، فقد كانت الجاهلية والإسلام ترى ذلك للحرم في الإنسان وغيره ، قال الفرزدق :
١١٩ ـ ألم يأته أني تخلّل ناقتي |
|
بمكة أطراف الأراك النّواعم |
١٢٠ ـ مقيّدة ترعى الأراك ورحلها |
|
بمكة ملقى عائذ بالمحارم |
١٢١ ـ فدعني أكن ما دمت حيّا حمامة |
|
من القاطنين البيت غير الروائم (١) |
وقال كثّير :
١٢٢ ـ ونحن بحمد الله نتلو كتابه |
|
حلولا بهذا الخيف خيف المحارم |
١٢٣ ـ بحيث الحمام آمن الروع ساكن |
|
وحيث العدو كالصديق المسالم (٢) |
(وَاتَّخِذُوا).
الواو عطف على معنى (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً)؛ لأنه يضمن ثوبوا إليه واتخذوا. و (مَقامِ إِبْراهِيمَ) : الموضع الذي فيه أثر قدمه عن الحسن.
وعن ابن عباس : أنّ الحج كلّه مقام إبراهيم.
(وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ). (١٢٦)
كان عليهالسلام سأل لما جعله الله إماما أن يجعل ذريته كذلك ، فقال الله عزوجل : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فصار ذلك تعليما له في المسألة ، وتأديبا فتأدب به ، وخصّ بالدعاء المؤمنين.
__________________
(١) الأبيات للفرزدق يستعطف زياد بن أبيه ، ويذكر خوفه من وعيده ، فلمّا سمعها زياد رقّ له ، وقال : لو أتاني لأمّنته. وهي في ديوانه ٢ / ٢١٦ ؛ وطبقات فحول الشعراء ١ / ٣٠٨. وفي المخطوطة «مقلدة» بدل «مقيدة» وهو تصحيف.
(٢) البيتان في الأغاني ٨ / ٣١ ولهما قصة فيه ، وفي المخطوطة : «بحيث الحرام» وهو تصحيف. وديوانه ص ٢٢٥.