(انْظُرْنا) أفهمنا ، وقيل : انتظرنا كقول المثقب :
١٠٥ ـ فإن يك صدر هذا اليوم ولّى |
|
فإنّ غدا لناظره قريب (١) |
(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ). (١٠٦)
النسخ : رفع حكم شرعي إلى بدل منه كنسخ الشمس بالظل.
وقيل : إنه بيان مدة المصلحة ، والمصالح تختلف بالأوقات والأعيان والأحوال فكذلك الأحكام.
ألا ترى أنّ الله يصرّف بين السراء والضراء المصالح للعباد.
وقول ابن بحر في امتناع نسخ شيء من القرآن ظاهر الخلاف ، وتأويله بيّن التعسف (٢).
وهذه الآية بعد نزول السور الكثيرة على وجه الشرط والجزاء الخالص للاستقبال ، وعلى أنها نزلت منبّهة على جميع حكم النسخ ، وأقسامه من إثبات حكمه أبدا ، وإلى غاية ، ومن إزالة حكمه ببدل ، ومن إزالته لا إلى بدل ، وإلى المثل وإلى الخير ، ومن إزالة نفس الحفظ والكتابة.
وعلى أنّ الآية إذا أطلقت فهم بها آيات القرآن ، وعلى أنّه إذا لم يمتنع بنسخ ما تقدّم من الكتب بالقرآن لا يمتنع نسخ بعضه ببعض ، وعلى أنّ نسخ القبلة الأولى ، وثبات الواحد لعشرة ، والتخيير في الصوم ، وتقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول ، ومهادنة المشركين ، وإتيان الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا ، وعدة المتوفى عنها زوجها إلى الحول ، كلّها في القرآن.
__________________
(١) البيت لهدبة بن خشرم من قصيدة له قالها في السجن ، وليس للمثقب كما قال المؤلف. وهو شاعر إسلامي أموي والبيت في أمالي القالي ١ / ٧٠ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٣٣١ ؛ والحماسة البصرية ١ / ٤٥.
(٢) راجع ما كتبناه في المقدمة بعنوان : النيسابوري وابن بحر ١ / ٥٥ ـ ٥٧.