يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) لا يحيط الخلائق بالله عزوجل علما إذ هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء ، فلا فهم يناله بالكيف ، ولا قلب يثبته بالحدود ، فلا يصفه إلّا كما وصف نفسه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، الأول والآخر والظاهر والباطن ، الخالق البارئ المصوّر ، خلق الاشياء فليس من الاشياء شيء مثله تبارك وتعالى ، فقال : فرّجت عنّي فرّج الله عنك وحللت عنّي عقدة فأعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.
فقال عليهالسلام : وأمّا قوله : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) وقوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) وقوله : (وَناداهُما رَبُّهُما) وقوله : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) فأمّا قوله : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) فإنّه ما ينبغي لبشر أن يكلّمه الله إلا وحيا وليس بكائن إلّا من وراء حجاب ، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ، كذلك قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا ، قد كان الرّسول يوحى إليه من رسل السماء فيبلغ رسل السماء رسل الارض ، وقد كان الكلام بين رسل أهل الارض وبينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل السماء ، وقد قال رسول الله (ص) : يا جبرئيل هل رأيت ربّك؟ فقال جبرئيل : إنّ ربّي لا يرى ، فقال رسول الله (ص) : فمن أين تأخذ الوحي؟ فقال : من إسرافيل فقال : ومن أين يأخذه إسرافيل؟ قال : يأخذه من ملك فوقه من الرّوحانيين ، قال : فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال : يقذف في قلبه قذفا ، فهذا وحي ، وهو كلام الله عزوجل ، وكلام الله ليس بنحو واحد ، منه ما كلّم الله به الرّسل ، ومنه ما قذفه في قلوبهم ، ومنه رؤيا يريها الرّسل ، ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ ، فهو كلام الله ، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله ، فإنّ معنى كلام الله ليس بنحو واحد فإنّ منه ما يبلغ به رسل السماء رسل الأرض ، قال : فرّجت عنّي فرّج الله عنك وحللت عنّي عقدة فعظّم الله أجرك يا أمير المؤمنين.