نضرة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، أنه قرأ هذه الآية : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) حتى بلغ : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) قال : هذه نسخت ما قبلها.
[٧٠] ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله البقال ، قال : ابنا بن بشران ، قال : ابنا إسحاق الكاذي ، قال : بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : بنا عفان ، قال : بنا عبد الوارث.
[٧١] ـ وأخبرنا محمد بن أبي القاسم ، قال : ابن أحمد بن أحمد ، قال : بنا أبو نعيم الحافظ ، قال : ابنا أحمد بن إسحاق قال : بنا أبو يحيى الرازي ، قال : بنا عبد الرحمن بن عمر قال : بنا عبد الرحمن بن مهدي قال : بنا محمد بن دينار ، كلاهما عن يونس ، عن الحسن ؛ (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) [البقرة : ٢٨٢] قال : نسختها : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً).
قلت : وهذا ليس بنسخ ، لأن الناسخ ينافي المنسوخ ولم يقل هاهنا فلا تكتبوا ، ولا تشهدوا ، وإنما بين التسهيل في ذلك. ولو كان مثل هذا ناسخا لكان قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) [المائدة : ٦] ناسخا للوضوء بالماء ، وقوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ) [النساء : ٩٢] ناسخا قوله : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [النساء : ٩٢] والصحيح أنه ليس هاهنا نسخ وأنه أمر ندب.
وقد اشترى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الفرس الذي شهد فيه خزيمة بلا إشهاد (١).
[٧٢] (٢) ـ أخبرنا المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين بن قريش ،
__________________
(١) أخرجه أحمد (٥ / ٢١٥ ـ ٢١٦) وأبو داود (٣٦٠٧) والنسائي (٧ / ٣٠١) من حديث عمارة بن خزيمة بن ثابت ، أن عمّه حدّثه ـ وهو من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم ابتاع فرسا من أعرابي ، فاستتبعه النبي صلىاللهعليهوسلم ليقضيه ثمن فرسه ، فأسرع رسول الله صلىاللهعليهوسلم المشي وأبطأ الأعرابي ، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ، ولا يشعرون أن النبي صلىاللهعليهوسلم ابتاعه ، فنادى الأعرابي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته ، فقام النبي صلىاللهعليهوسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال : «أو ليس قد ابتعته منك»؟ فقال الأعرابي : لا ؛ والله ما بعتكه! فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بلى قد ابتعته منك» فطفق الأعرابي يقول : هلمّ شهيدا. فقال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد أنك قد بايعته. فأقبل النبي صلىاللهعليهوسلم على خزيمة فقال : «بم تشهد»؟ فقال : بتصديقك يا رسول الله.
فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين. والحديث صحيح ، صحّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٣٠٧٣).
وانظر أخي القارئ الكريم في هذه القصة كيف كانت سيرة أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ناصعة نقية ؛ كيف صدّق هذا الصحابي نبيّه وشهد على البيع مع أنه لم يره ، ما دفعه إلا أنه متيقّن من صدق النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «بتصديقك يا رسول الله». هكذا كان أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، فرضي عنهم وأرضاهم وأرضى من أحبهم ووالاهم ، وسخط الله على من تنقّص منهم وأبغضهم وعاداهم ، اللهم آمين.
(٢) إسناده صحيح موقوفا.