المقدس ، فنسخها وصرف إلى البيت العتيق فقال : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
قال أحمد بن حنبل : وحدّثنا عبد الوهاب بن عطاء ، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) قال : كانوا يصلون نحو بيت المقدس ونبي الله بمكة وبعدها هاجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، ثم وجهه الله تعالى بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام (١).
قال أحمد : وبنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : بنا همام قال : بنا قتادة : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) قال : وكانوا يصلون نحو بيت المقدس ثم وجهه الله نحو الكعبة.
وقال عزوجل : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة : ١٤٤] فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من قبلة.
[٢١] ـ أخبرنا محمد بن عبد الله العامري ، قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابنا محمد بن عبد الصمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد ، قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : بنا عبد الحميد ، قال : بنا يونس ، عن شيبان ، عن قتادة (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] قال : نسخ هذا بعد ذلك ، فقال الله عزوجل : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). قلت : وهذا قول أبي العالية والسدي.
فصل
واعلم : أن قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ليس فيه أمر بالتوجه إلى بيت المقدس ولا إلى غيره ، بل هو دال على أن الجهات كلها سواء في جواز التوجه إليها.
فأما التوجه إلى بيت المقدس فاختلف العلماء ؛ هل كان برأي النبي صلىاللهعليهوسلم واجتهاده ، أو كان عن وحي؟
فروي عن ابن عباس وابن جريج أنه كان عن أمر الله تعالى ، لقوله عزوجل : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) [البقرة : ١٤٣].
[٢٢] ـ وأخبرنا المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال : ابنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، قال : حدّثنا محمد بن إسماعيل بن العباس ،
__________________
(١) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (٢ / ٥٢٩ / ١٨٣٥ ـ ١٨٣٧).