وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (١٧) (٢٤٤٤).
ويردّ عليه بعد الإغماض (٢٤٤٥) عن عدم دلالة الآية على وجوب الإخلاص بمعنى القربة في كلّ واجب ، وإنّما تدلّ على وجوب عبادة الله خالصة عن الشرك ، وبعبارة اخرى : وجوب التوحيد ، كما أوضحنا ذلك في باب النية من الفقه أنّ الآية إنّما تدلّ على اعتبار الإخلاص في واجباتهم ، لا على وجوب الإخلاص عليهم في كلّ واجب ، وفرق بين وجوب كلّ شىء عليهم لغاية الإخلاص وبين وجوب قصد الإخلاص عليهم في كلّ واجب. وظاهر الآية هو الأوّل ، ومقتضاه أنّ تشريع الواجبات لأجل تحقّق العبادة على وجه الإخلاص ، ومرجع ذلك إلى كونها لطفا. ولا ينافي ذلك كون بعضها بل كلّها توصليّا لا يعتبر في سقوطه قصد القربة. ومقتضى الثاني : كون الإخلاص واجبا شرطيّا في كلّ واجب ، وهو المطلوب. هذا كلّه ، مع أنّه يكفي في ثبوت الحكم في شرعنا قوله تعالى : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ، بناء على تفسيرها بالثابتة التي لا تنسخ.
______________________________________________________
عند العرب من كان على دين إبراهيم عليهالسلام وأصل الحنف الميل ، ومنه «بعثت بالحنيفيّة السمحة السهلة» أي : المستقيمة المائلة عن الباطل إلى الحقّ».
٢٤٤٤. قال الطريحي : «وقال الشيخ أبو علي : وقيل : دين الملّة القيّمة والشريعة القيّمة. وقال نضر بن شميل : سألت الخليل عن هذا فقال : القيّمة جمع قيّم ، والقيّم والقائم واحد ، فالمراد : وذلك دين القائمين لله بالتوحيد». ثمّ قال : «وفي هذه الآية دلالة على بطلان مذهب أهل الجبر ، لأنّ فيها تصريحا بأنّه تعالى إنّما خلق الخلق ليعبدوه. واستدلّ بهذه الآية أيضا على وجوب النيّة في الطهارة ، وأنّه تعالى أمر بالعبادة على وجه الإخلاص ، ولا يمكن الإخلاص إلّا بالنيّة والقربة ، والطهارة عبادة فلا تجزي بغير نيّة».
٢٤٤٥. لا يذهب عليك أنّه قد استدلّ بالآية تارة على أنّ الأصل في كلّ أمر أن يكون تعبّديا ، واخرى على اشتراط قصد القربة والإخلاص في العبادات ، و