.................................................................................................
______________________________________________________
وإذا شكّ في بقاء الطهارة الشرعيّة الحاصلة بالوضوء بعد خروج المذي ، فيقال : إنّ قبل الشرع كان يعلم عدم جعل الشارع العمل المسمّى بالوضوء سببا للطهارة مطلقا ، وعلم بعده أنّه جعله سببا للطهارة ما لم يخرج المذي ، ولا يعلم أنّه هل جعله سببا للطهارة الباقية بعده أيضا أم لا؟ والأصل عدم الجعل.
وإذا شكّ في تطهير الثوب الملاقي للبول بغسله مرّة ، فيقال : قبل ورود الشرع كنّا قاطعين بعدم جعل الشارع ملاقاة البول سببا للطهارة مطلقا ، وبعده علمنا أنّه جعله سببا للنجاسة ما لم يغسل أصلا ، وأمّا كونه سببا للنجاسة بعد الغسل مرّة فلا. وكذا في المالكيّة والزوجيّة وأمثالهما. وإثبات التكليف والجعل بالاستصحاب ليس بأولى من إثبات عدمهما به على ما مرّ.
لا يتوهّم أنّه يلزم على هذا انتفاء الحكم الثابت أوّلا في القسمين بمجرّد الشكّ ، فإنّه ليس كذلك ، بل يحكم ببقاء الحكم ، ولكن لا لأجل استصحاب حال الشرع ، أي : استصحاب ذلك الحكم ، بل لأجل استصحاب آخر من حال العقل.
وبيان ذلك : أنّه قد عرفت في المقدّمة الاولى أنّ سبب الشكّ في هذين القسمين إمّا الشكّ في تحقّق المزيل القطعي بعد العلم بعدمه ، أو الشكّ في جعل الشارع شيئا أو الشيء الفلاني مزيلا للحكم. ولا شكّ أنّ الأصل عدم تحقّق المزيل ، وعدم جعل الشارع شيئا أو هذا الشيء مزيلا ، فيلزم هذا الاستصحاب وجود هذا الحكم. ولا يعارضه استصحاب عدم التكليف ، لأنّ الاستصحاب الأوّل مستلزم للحكم باستمرار الحكم ، وهو مزيل لعدم التكليف. وليس استصحاب عدم التكليف سببا لوجود الشيء المعيّن الذي جعله الشارع مزيلا ، أو لجعل الشارع هذا الشيء مزيلا.
نقول في المثال الأوّل : علم بقول الشارع : صم شهر رمضان ، وجوب صومه ، سواء عرض الحمّى أم لا ، وشكّ في أنّه هل جعل الحمّى مزيلا له أم لا؟ والأصل عدم جعله ، وهو يوجب بقاء إطلاق وجوب الصوم المزيل لعدم التكليف.