الدم ، فإنّه قد يقال باستصحاب الحيض ؛ نظرا إلى كون الشكّ في انقضاء ما اقتضته الطبيعة من قذف الحيض في كل شهر.
وحاصل وجه الاستصحاب : ملاحظة كون الشكّ في استمرار الأمر الواحد الذي اقتضاه السبب الواحد ، وإذا لوحظ كلّ واحد من أجزاء هذا الأمر حادثا مستقلا ، فالأصل عدم الزائد على المتيقّن وعدم حدوث سببه.
ومنشأ اختلاف بعض العلماء في إجراء الاستصحاب في هذه الموارد اختلاف أنظارهم في ملاحظة ذلك المستمرّ حادثا واحدا أو حوادث متعدّدة. والإنصاف : وضوح الوحدة في بعض الموارد ، وعدمها في بعض ، والتباس الأمر في ثالث. والله الهادي إلى سواء السبيل ، فتدبّر.
وأمّا القسم الثالث وهو ما كان مقيّدا بالزمان ، فينبغي القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه. ووجهه : أنّ الشيء المقيّد بزمان خاصّ لا يعقل فيه البقاء ؛ لأن البقاء : وجود الموجود الأوّل في الآن الثاني ، وقد تقدّم الاستشكال (٢٣٩٤) في جريان الاستصحاب في الأحكام التكليفيّة ؛ لكون متعلّقاتها هي الأفعال المتشخّصة بالمشخّصات التي لها دخل وجودا وعدما في تعلّق الحكم ، ومن جملتها الزمان.
وممّا ذكرنا يظهر فساد ما وقع لبعض المعاصرين (٢٣٩٥):
______________________________________________________
وفيه : أنّ الحكم ، أعني الانفعال بالملاقاة في الأوّل والثالث ، وعدم الانفعال بها في الثاني ، ليسا مرتّبين في الأدلّة على عدم الجزء أو أخذ الجزء المذكور ، بل على نفس الكرّية وعدمها ، وإثباتهما بما ذكر لا يتمّ إلّا على القول بالاصول المثبتة ، فتدبّر.
٢٣٩٤. قد تقدّم هذا الاستشكال مع جوابه في ذيل القول السابع ، فراجع ولاحظ ما علّقنا على شرح كلامه هناك.
٢٣٩٥. هذا البعض هو الفاضل النراقي في المناهج. وتوضيح المقام : أنّ الفاضل المذكور قد قسّم الاستصحاب باعتبار المستصحب إذا كان من الامور الشرعيّة إلى ثلاثة أقسام ، لأنّه إمّا أن يعلم استمراره أبدا ـ أي : يثبت من الشرع كذلك ـ ولا يعلم له مزيل ، أو يعلم أنّ له مزيلا وغاية معيّنة ، بأن يعلم ثبوته إلى