.................................................................................................
______________________________________________________
قتله ، فمنع أحدهم من الفعل ومقدّماته ، وأتى الآخر ببعض مقدّماته ومنع من نفس الفعل ، وباشر الثالث ، فلا ريب في استوائهم في مرتبة الذمّ عند العقلاء ، وليس ذلك إلّا لكون الذمّ في مقابل نفس التجرّي.
ومن هنا يمكن أن يدفع ما يمكن أن يورد على ما أورده المصنّف قدسسره أوّلا على المفصّل ، بتقريب أنّه إذا سلّم كون التجرّي قبيحا ذاتا فلا مناص عن التزام حرمة الفعل المتجرّي به كما هو ظاهر المفصّل. ووجه الدفع واضح. وقد أشار المصنّف رحمهالله إلى ما ذكرناه بقوله سابقا : «ومن هنا يظهر الجواب عن قبح التجرّي ، فإنّه لكشف ...» إلى آخر ما ذكره. ولكنّه رحمهالله قد استشكل في حرمة الفعل المتجرّى به في تحقيقه الآتي ، فلا تغفل.
ثمّ إنّ قياس المفصّل مؤدّيات الطرق المنصوبة على القطع في جريان حكم التجرّي فيها من معارضة الجهة الواقعيّة للجهة الظاهريّة لا يخلو من نظر ، فإنّ نصب الطريق إن كان من باب إمضاء الشارع وتقريره لما هو مقرّر عند العقلاء كما في ظواهر الألفاظ ، كما يشير إليه قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) ومثلها الظنّ المطلق بناء على تقرير دليل الانسداد من باب الحكومة دون الكشف ، فإنّه حينئذ أيضا من باب إمضاء الشارع لحكم العقل ، فما ذكره حقّ ، إذ الظنّ الحاصل منها حينئذ في حكم القطع في جريان حكم التجرّي فيه ، ولكن ذلك ليس في الحقيقة نصب طريق ، فلا يكون مشمولا لقوله : «وكذا لو نصب له طريقا ...».
وإن كان من باب جعل الطريق حقيقة ، بأن نصب طريقا إلى الأحكام الواقعيّة في عرض الواقع حتّى يجوز العمل به مع التمكّن من تحصيل القطع بسؤال الإمام عليهالسلام ونحوه كما هو ظاهر المشهور في العمل بأخبار الآحاد ، فلا بدّ حينئذ من تضمّن الطريق لمصلحة تتدارك بها مصلحة الواقع على تقدير مخالفة الطريق للواقع ، إذ تفويت المصالح الواقعيّة عن المكلّف مع تمكّنه من تحصيلها قبيح على الشارع. و