عندنا ليس ذاتيّا ، بل يختلف بالوجوه والاعتبار.
فمن اشتبه عليه مؤمن ورع عالم بكافر واجب القتل ، فحسب أنّه ذلك الكافر وتجرّى فلم يقتله ، فأنّه لا يستحق الذمّ على هذا الفعل عقلا عند من انكشف له الواقع ، وإن كان معذورا لو فعل. وأظهر من ذلك : ما لو جزم بوجوب قتل نبيّ أو وصيّ ، فتجرّى ولم يقتله. ألا ترى أنّ المولى الحكيم إذا أمر عبده بقتل عدوّ له ، فصادف العبد ابنه وزعمه ذلك العدوّ فتجرّى ولم يقتله ، أنّ المولى إذا اطّلع على حاله لا يذمّه على هذا التجرّي ، بل يرضى به وإن كان معذورا لو فعل. وكذا لو نصب له طريقا غير القطع إلى معرفة عدوّه ، فأدّى الطريق إلى تعيين ابنه فتجرّى ولم يفعل. وهذا الاحتمال حيث يتحقّق عند المتجرّي لا يجديه إن لم يصادف الواقع ؛ و
______________________________________________________
الثاني تعارض الجهة الواقعيّة أو الجهة الظاهريّة الناشئة من الإقدام على مخالفة ما اعتقده من الوجوب والحرمة ، فبعد تعارض الجهتين لا يبقى مقتض للاستحقاق.
وقوله : «فإنّ قبح التجرّي ...» دفع لما يمكن أن يقال : إنّ تعارض الجهتين لا يدفع قبح التجرّي ، فإنّ قبحه ذاتي ، وما بالذات لا يتخلّف عنها.
ثمّ إنّ ظاهر كلامه وإن كان هو التفصيل في صورة اعتقاد الحرمة ، إلّا أنّ التأمّل في كلامه ـ بملاحظة الأمثلة التي ذكرها ـ يعطي كون صورة اعتقاد الوجوب أيضا كذلك ، ولذا عمّمنا كلامه للصورتين عند بيان شقوق الأمثلة.
ثمّ إنّ التفصيل المذكور إنّما هو في حرمة الفعل أو الترك بواسطة التجرّي في ما اعتقد حرمته فتجرّى بفعله ، أو اعتقد وجوبه فتجرّى بتركه ، لا في صيرورة الفعل حراما أو واجبا بمجرّد اعتقاد حرمته أو وجوبه مطلقا كما هو المشهور. وهو ظاهر كلامه الذي نقله المصنّف رحمهالله وصريح غيره ، فليراجع. فحينئذ يتّجه عليه منع كون قبح التجرّي سببا لقبح الفعل المتجرّى به ، سواء قلنا بكون قبحه ذاتيّا أو بالوجوه والاعتبار ، فإنّ مذمّة العقلاء إنّما هي في مقابل كون العبد مع المولى في مقام الطغيان لا في مقابل نفس الفعل ، ولذا ترى أنّ أشخاصا ثلاثة إذا اعتقدوا حرمة فعل غير محرّم في الواقع ، كما إذا اعتقدوا عدوّ المولى صديقه فعزموا على