بعض (٣٧) (٣٧٤) من أنّ أدلّة حجّية خبر الواحد تدلّ على حجّيتها بمفهوم الموافقة ؛ لأنّه ربّما يحصل منها الظنّ الأقوى من الحاصل من خبر العادل. وهذا خيال ضعيف تخيّله بعض في بعض رسائله ، ووقع نظيره من الشهيد الثاني في المسالك حيث وجّه حجّية
______________________________________________________
٣٧٤. قيل : إنّ المراد بهذا البعض هو صاحب الرياض في رسالته المفردة في هذه المسألة. لكنّه إمّا اشتباه أو وقع خلل في النقل من المصنّف رحمهالله ، لأنّ صاحب الرياض لم يتمسّك فيها بمفهوم الموافقة لأدلّة اعتبار أخبار الآحاد ، بل بمفهوم الموافقة للإجماع على جواز استعمال الظنون الرجاليّة في تعديل الرواة وتفسيقهم وتمييز المشتركات ، وكذلك الظنون المستعملة في ترجيح متعارضات الأخبار. وضعّف ما يقال في دفع ما ذكره من أنّ المعتبر في مفهوم الموافقة ثبوت الأصل بخطاب لفظي ، والأمر في المقام ليس كذلك ، بما حاصله أنّ الإجماع عندنا ليس معتبرا من حيث هو ، بل من حيث كشفه عن قول الإمام عليهالسلام بلفظ معقد الإجماع أو مرادفه. وهو رحمهالله وإن لم يعبّر بلفظ مفهوم الموافقة بل بالأولويّة ، إلّا أنّ مقصوده ذلك. ومنه يظهر عدم ورود محذور إثبات القويّ بالضعيف على صاحب الرياض ، لما عرفت من أنّ مقصوده ليس التمسّك بمجرّد الأولويّة الظنّية حتّى يرد عليه ذلك ، بل بمفهوم الموافقة الذي لا يرد عليه ذلك. ومن هنا يظهر ما في قول المصنّف رحمهالله : «مع أنّه ما كان استفادة حكم الفرع ...» ، كيف وهو صرّح في كلامه بأنّ ما نحن فيه من قبيل قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) في كون استفادة حكم الفرع من دليل لفظيّ دالّ على حكم الأصل. لا يقال : إنّ ما ذكره المصنّف مبنيّ على أنّ المقيس عليه اعتبار أخبار الآحاد دون الظنون المذكورة. لأنّا نقول : إنّ أدلّة اعتبار خبر الواحد من باب الظنّ الخاصّ إمّا الآيات أو الأخبار أو الإجماع على سبيل منع الخلوّ. ولا وجه لما ذكره على الأوّلين. وكذا على الثالث ، لما أشرنا إليه. وقد نقلنا كلامه على طوله بألفاظه في غاية المأمول ، وبيّنّا ما يرد عليه هنالك.
ثمّ إنّ الفرق بين القياس بطريق أولى والقياس الجليّ والخفيّ والمفهوم الموافق