من حيث الحجّية في الجملة ، بل المقصود إبطال توهّم كونها من الظنون الخاصّة ، وإلّا فالقول بحجّيتها من حيث إفادة المظنّة بناء على دليل الانسداد غير بعيد (٣٧٣).
ثمّ إنّ منشأ توهّم كونها من الظنون الخاصّة أمران : أحدهما ما يظهر من
______________________________________________________
بمقتضى دليل الانسداد في وجه ، كما سنشير إليه في الحاشية الآتية. والقول بعدمها كذلك ، وعزاه في المفاتيح إلى المشهور. ويؤيّده ما قيل من أنّ الشهرة لو ثبتت حجّيتها لزم عدم حجّيتها ، لأنّ المشهور عدم حجّيتها ، فيلزم من وجودها عدمها ، وما يستلزم وجوده عدمه فهو باطل. والتفصيل بين الشهرات المدّعاة قبل زمان الشيخ وبعده ، بالقول بالحجّية في الاولى ونفيها في الثانية. اختاره صاحب المعالم. والتفصيل بين الشهرة المقترنة بوجود خبر ولو في كتب العامّة وغيرها ، بالقول بالموجب في الاولى دون الثانية. اختاره صاحب الرياض في رسالته المفردة في هذه المسألة ، وحكاه عن الوحيد البهبهاني ، وبه جمع بين القول بحجّية الشهرة وشهرة القول بعدمها ، بتخصيص الأوّل بصورة وجود الخبر والثاني بغيرها.
فإن قلت : مع وجود الخبر تكون الحجّة هو الخبر الموجود دون نفس الشهرة ، لانجبار ضعفه بها حينئذ.
قلت : إنّها إنّما تجبر ضعف السند إذا كان الخبر مستندا للمشهور ، والفرض في المقام عدم العلم بذلك. ثمّ إنّي قد بسطت تحرير الأقوال والأدلّة في المسألة في غاية المأمول ، فمن أراد الوقوف على حقيقة الحال فليراجع هناك.
٣٧٣. فيه نوع إشعار بتردّده فيه. ولعلّ الوجه فيه إمّا أنّ القول بحجّية الشهرة مستلزم لعدم حجّيتها ، لما صرّح به غير واحد من أنّ المشهور عدم حجّيتها ، وهذا هو المعبّر عنه بالظنّ المانع والممنوع ، وسيأتي تحقيق الكلام فيه. وإمّا احتمال اختصاص نتيجة دليل الانسداد باعتبار الظنّ في الاصول دون الفروع. ولكن سيأتي إن شاء الله تعالى أنّ الحقّ في الأوّل تقديم الظنّ الممنوع منه ، وفي الثاني عموم النتيجة للاصول والفروع.