وبالجملة : فالإنصاف ـ بعد التأمّل وترك المسامحة بإبراز المظنون بصورة القطع كما هو متعارف محصّلي (٣٦٧) عصرنا ـ أنّ اتّفاق من يمكن تحصيل فتاواهم على أمر كما لا يستلزم عادة موافقة الإمام عليهالسلام كذلك لا يستلزم وجود دليل معتبر عند الكلّ من جهة أو من جهات شتّى.
______________________________________________________
العلماء ـ حتّى مثل الصدوق والشيخ والعلّامة ـ ليس بموجود الآن ، فغاية ما يمكن إسناده إلى اطّلاع الناقل على سبيل الحسّ هو فتاوى المعروفين بالفتوى ، وهي غير ملازمة عادة لموافقة قول الإمام عليهالسلام ، ولا لدليل معتبر كما أشار إليه المصنّف رحمهالله ، فغاية الأمر أن يتحدّس بفتاوى المعروفين عن فتوى الجميع ، فيدّعى الإجماع الظاهر في اتّفاق الكلّ. لكن هذا النقل حينئذ لا يكون حجّة بالنسبة إلى إثبات اتّفاق الكلّ ، لفرض ثبوته عند الناقل بالحدس ، فلا يكون إخباره عنه حجّة بالفرض ، وإلّا كان نقل الإجماع باعتبار نقل المنكشف حجّة ، وهو خلاف فرض المحقّق التستري من عدم اعتباره باعتبار نقل المنكشف.
٣٦٧. لا يذهب عليك أنّ أمثال هذه الكلمات لا تناسب مثل المصنّف رحمهالله المتزهّد في الدنيا والمتورّع في جميع أفعاله وأقواله ، لأنّها لا تخلو عن نوع اغتياب للعلماء الذين جعل الله أقدامهم موضوعة على أجنحة ملائكة السماء. قال المصنّف رحمهالله في مكاسبه في مستثنيات الغيبة : «ومنها القدح في مقالة باطلة ، وإن دلّ على نقصان قائلها ، إذا توقّف حفظ الحقّ وإضاعة الباطل عليه. وأمّا ما وقع من بعض العلماء بالنسبة إلى من تقدّم عليه منهم من الجهر بالسوء من القول فلم يعرف له وجه ، مع شيوعه بينهم من قديم الأيّام» انتهى. ولعمري إنّ هذا ممّا يقضى منه العجب ، لأنّه مع هذا الإشكال الوارد على الطعن على العلماء ، والاعتراض عليهم بالتخطئة وسوء الفهم ، كيف جرت عادتهم على ذلك في الأعصار والأصقاع؟!
وقال المحدّث البحراني بعد نقل شطر من الاعتراضات الواقعة بين المحقّق الكركي والشيخ إبراهيم القطيفي : «لكن هذه طريقة قد جرى عليها جملة من