ثمّ إنّه لمّا كان (٢٩٢) وجه حجّية الإجماع عند الإماميّة اشتماله على قول الإمام عليهالسلام ، كانت الحجّية دائرة مدار وجوده عليهالسلام في كلّ جماعة هو أحدهم ؛ ولذا قال
______________________________________________________
(وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) وقوله صلىاللهعليهوآله : «لا تجتمع امّتي على الخطأ» ونحوهما ، إذ ظاهر هذه الأدلّة اعتبار اتّفاق جميع الامّة لا خصوص المجتهدين. منهم ، فلا مستند للتقييد بخصوصهم. ويؤيّده ما تمسّكوا به في خلافة أبي بكر من الإجماع ، لعدم اختصاصه بالمجتهدين. نعم ، ظاهر الأكثر عدم العبرة بدخول غيرهم في الإجماع.
ثمّ إنّ بعض الشافعيّة قد صرّح بأنّ المراد بالحلّ والعقد هم المجتهدون. وقيل : ما يشملهم وسائر من كان حلّ الامور وفتقها بيده ، كالقضاة المنصوبة من قبل السلطان عند العامة.
ثمّ إنّ النسبة بين مصطلح العامّة وقدماء أصحابنا بحسب المفهوم وإن كانت هي التساوي ، لأنّ الكلّ قد اعتبروا فيه اتّفاق علماء الامّة وإن اختلفوا في وجه اعتباره وإنّه من حيث عصمة المجموع أو عصمة بعضهم وهو الإمام عليهالسلام ، إلّا أنّ النسبة بينهما بحسب المصداق ـ على زعم كلّ منهما في تطبيق هذا المفهوم عليه ـ عموم من وجه ، لاجتماعهما في اتّفاق جميع علماء الامّة حتّى الإمام عليهالسلام. وافتراق الأوّل في صدقه على اتّفاق من عدا الإمام عليهالسلام ، بناء على إنكارهم له في أمثال هذه الأعصار ، وعلى اتّفاق من عدا الشيعة على ما صرّح به العضدي من عدم قدح خروجهم في انعقاد الإجماع. وافتراق الثاني في صدقه على اتّفاق طائفة أحدهم الإمام عليهالسلام ، وإن خالفهم باقي المجتهدين. هكذا قيل. وفيه تأمّل.
هذا كلّه على اصطلاح القدماء. وأمّا المتأخّرون فالإجماع عندهم هو اتّفاق من عدا الإمام عليهالسلام ، وإن اختلفوا في وجه اعتباره ، فعند الشيخ من حيث كشفه عن تقريره من باب اللطف ، وعند غيره من حيث كشفه عن رضاه. وبين المذهبين فرق من جهة اخرى أيضا ، لأنّ المعتبر عند الشيخ اتّفاق علماء عصر واحد ، بخلاف غيره.
٢٩٢. لمّا كان المقصود من ذكر هذا الأمر الثاني بيان أنّ لفظ الإجماع حيثما يطلق فهو ظاهر في دعوى اتّفاق جميع علماء عصر واحد ، لما صرّح به من كونه