.................................................................................................
______________________________________________________
صوري له ، وإذا ثبت اعتبار التواتر في القرآن ثبت اعتبار تواتره بكلا جزئيه. ومع التسليم أنّ الأداء والهيئة من اللوازم المساوية للفظ ، فمع تواتر الجوهر يلزم تواتر لازمه أيضا.
وحجّة المفصّل لعلّها أنّ الآيات قد كتبت في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله بما يصلح نقشا لما تكلّم به النبيّ صلىاللهعليهوآله عارية عن النقط والإعراب ، وبعد جمعها كذلك قد صارت تمام القرآن ، وهذه النقوش قد نقلت متواترة إلى القرّاء السبعة ، فتصرّفوا في أدائها وهيئتها بما أدّى إليه اجتهادهم. وممّا يشهد به أنّ جماعة من العلماء قد بنوا على صحّة قراءة عاصم ، وحكموا بشذوذ قراءة ابن مسعود ، مع كونه من مشايخه ، إذ لو لم تكن قراءتها مبنيّة على الاجتهاد فلا وجه للتفصيل بالحكم بصحّة قراءة أحدهما وشذوذ الآخر ، لأنّه لا بدّ حينئذ من الحكم بصحّة كلّ منهما ، لفرض تواترهما عن النبيّ صلىاللهعليهوآله. مع أنّ شذوذيّة قراءة الشّيخ يستلزم شذوذيّة قراءة تلميذه أيضا لا محالة ، لكونه آخذا منه وناقلا عنه.
ولعلّه لما ذكرناه قد ذكر الشهيد الثاني في شرح الألفيّة ـ فيما حكي عنه ـ قائلا : واعلم أنّه ليس المراد أنّ كلّ ما ورد من هذه القراءات متواتر ، بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات ، فإنّ بعض ما نقل من السبعة شاذّ فضلا عن غيرهم ، كما حقّقه جماعة من أهل هذا الشأن. والمعتبر القراءة بما تواتر من هذه القراءات وإن ركّب بعضها في بعض ، ما لم يترتّب بعضها على بعض بحسب العربيّة فيجب مراعاته ، ك (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) فإنّه لا يجوز الرفع فيهما ولا النصب وإن كان كلّ منهما متواترا ، بأن يؤخذ رفع «آدم» من غير قراءة ابن كثير ورفع «كلمات» من قراءته ، فإنّه لا يصلح ، لفساد المعنى.
ثمّ إنّه قد ذكر في ذيل كلامه ما ينافي صدره ، حيث قال : «وأمّا اتّباع قراءة واحدة من العشر في جميع السورة فغير واجب قطعا ، ولا مستحبّ ، فإنّ الكلّ من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين ، تخفيفا عن الامّة ، وتهوينا