بالفحص ، ولا يمكن نفيه بالأصل لأجل العلم الإجمالي ، وأمّا بعد الفحص فاحتمال وجود المخصّص في الواقع ينفى بالأصل السالم عن العلم الإجمالي. والحاصل : أنّ المنصف لا يجد فرقا بين ظواهر الكتاب والسنّة ، لا (*) قبل الفحص ولا بعده.
ثمّ إنّك قد عرفت : أنّ العمدة في منع الأخباريّين من العمل بظواهر الكتاب هي الأخبار المانعة عن تفسير القرآن ، إلّا أنّه يظهر من كلام السيّد الصدر ـ شارح الوافية ـ في آخر كلامه : أنّ المنع عن العمل بظواهر الكتاب هو مقتضى الأصل ، والعمل بظواهر الأخبار خرج بالدليل ؛ حيث قال ـ بعد إثبات (٢٢٦) أنّ في القرآن محكمات وظواهر ، وأنّه ممّا لا يصحّ إنكاره ، وينبغي النزاع في جواز العمل بالظواهر ،
______________________________________________________
٢٢٦. كلامه هذا صريح في التفصيل بين محكمات الكتاب وظواهره ، بل قد ادّعى الإجماع في بعض كلماته الآتية على جواز العمل بالمحكمات ، وسيظهر ضعفه ممّا أورده المصنّف رحمهالله عليه.
وهنا تفصيل آخر للمحدّث البحراني بتجويز العمل بالآيات الواردة في غير الأحكام والشرائع ، ومنعه فيما ورد فيها ، حيث ذكر ما ملخّصه أنّه لا خلاف بين أصحابنا الاصوليّين في العمل بالكتاب في الأحكام الشرعيّة والاعتماد عليه ، حتّى إنّه صنّف جملة منهم كتبا في الآيات المتعلّقة بالأحكام الفقهيّة ، وهي خمسمائة آية.
وأمّا الأخباريّون فالذي وقفنا عليه من كلام متأخّريهم ما بين إفراط وتفريط ، فمنهم من منع فهم شيء منه مطلقا حتّى قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) إلّا بتفسير من أهل العصمة عليهمالسلام. ومنهم من جوّز ذلك حتّى كاد يدّعي المشاركة لأهل العصمة في تأويل مشكلاته وحلّ مبهماته. والتحقيق في المقام أنّ الأخبار متعارضة من الجانبين متصادمة من الطرفين ، إلّا أنّ أخبار المنع أكثر عددا وأصرح دلالة.
__________________
(*) لم ترد «لا» في بعض النسخ.