العلم الإجمالي بوجود مخالفات الظواهر لا يرتفع أثره ـ وهو وجوب التوقّف ـ بالفحص ؛ ولذا لو تردّد اللفظ بين معنيين أو علم إجمالا بمخالفة أحد الظاهرين لظاهر الآخر ـ كما في العامّين من وجه وشبههما ـ وجب التوقّف فيه ولو بعد الفحص.
قلت : هذه شبهة ربّما تورد على من استدلّ على وجوب الفحص عن المخصّص في العمومات بثبوت العلم الإجمالي بوجود المخصّصات : فإنّ العلم الإجمالي (٢٢٣) إمّا أن يبقى أثره (٢٢٤) ولو بعد العلم التفصيلي بوجود عدّة مخصّصات ، وإمّا أن لا يبقى ، فإن بقي فلا يرتفع بالفحص ، وإلّا فلا مقتضي للفحص (٢٢٥).
وتندفع هذه الشبهة : بأنّ المعلوم إجمالا هو وجود مخالفات كثيرة في الواقع فيما بأيدينا بحيث تظهر تفصيلا بعد الفحص ، وأمّا وجود مخالفات في الواقع زائدا على ذلك فغير معلوم ؛ فحينئذ لا يجوز العمل قبل الفحص ؛ لاحتمال وجود مخصّص يظهر
______________________________________________________
أيدينا اليوم ، لاحتمال كون المندرسة منها واردة في المواعظ والقصص والأمثال أو نحو ذلك ممّا لا دخل له في الأحكام. ولكنّك خبير بأنّ هذا الجواب ربّما ينافي ما ذكره في شرائط العمل بأصالة البراءة الّتي منها وجوب الفحص ، لأنّه بعد أن ادعى ثمة انحصار أطراف العلم الإجمالي بوجود التكاليف الواقعيّة في الأخبار التي يمكننا الوصول إليها قال : «ولكن هذا لا يخلو عن نظر ، لأنّ العلم الإجمالي إنّما هو بين جميع الوقائع من غير مدخليّة لتمكّن المكلّف من الوصول إلى مدارك التكليف وعجزه عن ذلك. ودعوى اختصاص أطراف العلم الإجمالي بالوقائع المتمكّن من الوصول إلى مداركها مجازفة» انتهى. والفرق بين هذا العلم الإجمالي والعلم الإجمالي المذكور في المقام غير ظاهر ، كيف ومن الآيات عمومات البراءة كما لا يخفى.
٢٢٣. تقرير للشبهة.
٢٢٤. لأجل بقاء العلم الإجمالي.
٢٢٥. بعد العلم التفصيلي بعدّة مخصّصات.