وإمّا الحمل على ما يظهر (٢١٥) له في بادئ الرأي من المعاني العرفيّة واللغويّة ، من دون تأمّل في الأدلّة العقليّة ومن دون تتّبع في القرائن النقليّة ، مثل الآيات الأخر الدالّة على خلاف هذا المعنى ، والأخبار الواردة في بيان المراد منها وتعيين ناسخها من منسوخها.
وممّا يقرّب هذا المعنى الثاني ـ وإن كان الأوّل أقرب عرفا ـ أنّ المنهيّ في تلك الأخبار المخالفون الذين يستغنون بكتاب الله تعالى عن أهل البيت عليهمالسلام ، بل يخطّئونهم به ، ومن المعلوم ضرورة من مذهبنا تقديم نصّ الإمام عليهالسلام على ظاهر القرآن ، كما أنّ المعلوم ضرورة من مذهبهم العكس. ويرشدك إلى هذا : ما تقدّم في ردّ الإمام عليهالسلام على أبي حنيفة حيث إنّه يعمل بكتاب الله ، ومن المعلوم أنّه إنّما كان يعمل بظواهره ، لا أنّه كان يؤوّله بالرأي ؛ إذ لا عبرة بالرأي عندهم مع الكتاب والسنّة.
ويرشد إلى هذا قول أبي عبد الله عليهالسلام في ذمّ المخالفين : «إنّهم ضربوا القرآن بعضه ببعض ، واحتجّوا بالمنسوخ وهم يظنّون أنّه الناسخ ، واحتجّوا بالخاصّ وهم يظنّون
______________________________________________________
النفس ، يشف من الشفاء جواب «من» ع أمر من الوعي. وأولع الناس في هذه الطريقة الصوفيّة المسمّون أنفسهم بالباطنيّة. وعنه أيضا عن بعضهم : أنّ من جملة التفاسير التي ألّفها أهل البدع والأهواء ، وفسّروا القرآن بآرائهم ، تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصمّ والجبائي وعبد الجبّار والرماني والزمخشري وأمثالهم. ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة ، يدسّ البدع في كلامه وأكثر الناس لا يعلمون ، كصاحب الكشّاف.
٢١٥. قد أخذ هذا الوجه ممّا ذكره المحقّق الطبرسي بعد نقل برهة من الآيات والأخبار الدالّة على جواز العمل بظواهر الكتاب ، حيث قال : «فهذا وأمثاله يدلّ على أنّ الخبر متروك الظاهر ، فيكون معناه ـ إن صحّ ـ أنّ من حمل القرآن على رأيه ، ولم يعلمه بشواهد ألفاظه ، فأصاب فقد أخطأ الدليل». وقال : «وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : القرآن ذلول ذو وجوه ، فاحملوا على أحسن الوجوه».