أنّه العامّ ، واحتجّوا بأول الآية بالآية وتركوا السنّة في تأويلها ، ولم ينظروا إلى ما يفتح به الكلام وإلى ما يختمه ، ولم يعرفوا موارده ومصادره ، إذ لم يأخذوه عن أهله فضلّوا وأضلّوا» (٢٤).
وبالجملة : فالإنصاف يقتضي عدم الحكم بظهور الأخبار المذكورة في النهي عن العمل بظاهر الكتاب بعد الفحص والتتبّع في سائر الأدلّة ، خصوصا الآثار الواردة عن المعصومين عليهمالسلام ، كيف ولو دلّت (٢١٦) على المنع من العمل على هذا الوجه ، دلّت على عدم جواز العمل بأحاديث أهل البيت عليهمالسلام ، ففي رواية سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّ أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله مثل القرآن ، منه ناسخ ومنسوخ ، وخاصّ وعامّ ، ومحكم ومتشابه ، وقد كان من رسول الله صلىاللهعليهوآله الكلام : يكون له وجهان ، كلام عامّ وكلام خاصّ ، مثل القرآن» (٢٥). وفي رواية ابن مسلم : «إنّ الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن».
هذا كلّه ، مع معارضة الأخبار المذكورة بأكثر منها ممّا يدلّ على جواز التمسّك
______________________________________________________
وأقول : إنّه من الواضح الذي لا يعتريه ريب أنّ المراد بقوله في النبويّ «فأصاب فقد أخطأ» ليس الخطأ حقيقة مع فرض الإصابة فلا بدّ أن يراد به الخطأ في كيفيّة الإصابة ، والمقصود بيان عدم ترتّب آثار الإصابة ، عليها. وحينئذ لا بدّ من حمل الخبر على الموارد التي لم تثبت فيها كفاية إصابة الواقع كيفما اتّفقت كما في التوصّليات ، أو على عدم ترتّب ثواب الاجتهاد على عمله وإن ترتّب عليه آثار الواقع مع الإصابة ، أو على عدم جواز ترتيب آثار الواقع على العمل ما لم تنكشف الإصابة وإن تحقّقت في علم الله سبحانه.
٢١٦. هذه المعارضة مبنيّة على الحمل الثاني. وحاصلها : الاستكشاف بأخبار التفسير بالرأي عن كون وجه المنع من العمل بظواهر القرآن وجود المانع منه ، وهو العلم الإجمالي بطروء التخصيص والتقييد والتّجوز في أكثر الآيات ، لا عدم المقتضي له كما هو مبنى الاستدلال. ووجه المعارضة حينئذ واضح.