فعمل به وامتثله ، لم يعدّ هذا تفسيرا ؛ إذ التفسير كشف القناع (٢١٣).
ثمّ لو سلّم كون مطلق حمل اللفظ على معناه تفسيرا ، لكنّ الظاهر أنّ المراد بالرأي هو الاعتبار العقلي الظنيّ الراجع إلى الاستحسان ، فلا يشمل حمل ظواهر الكتاب على معانيها اللغويّة والعرفيّة ، وحينئذ فالمراد بالتفسير بالرأي : إمّا حمل اللفظ على خلاف ظاهره (٢١٤) أو أحد احتماليه ؛ لرجحان ذلك في نظره القاصر وعقله الفاتر. ويرشد إليه المرويّ عن مولانا الصادق عليهالسلام ، قال في حديث طويل : «وإنّما هلك الناس في المتشابه ؛ لأنّهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته ، فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم ، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء عليهمالسلام فيعرّفونهم (٢٣)».
______________________________________________________
٢١٣. وقيل : هو كشف المغطّى. وعن الطبرسي : كشف المراد من اللفظ المشكل. وقيل غير ذلك. وشيء منها لا يصدق على الأخذ بالظواهر. وأصل الفسر كما في الصحاح البيان ، يقال : فسرت الشيء من باب ضرب : بيّنته وأوضحته ، والتشديد مبالغة. ويظهر من الطريحي أنّه مقلوب السفر ، يقال : أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته ، وأسفر الصبح إذا ظهر. وقال : «الفرق بين التفسير والتأويل هو أنّ التفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل ، والتأويل ردّ أحد المحتملات إلى ما يطابق الظاهر» انتهى. وقيل في ذلك ، غير ذلك ، ولا فائدة في نقله.
٢١٤. ويحتمل أيضا أن يكون المراد بالتفسير ترك الظواهر وتطبيق الألفاظ بما ارتسخ في الذهن من الشبهات ، كما قال المشائيّون : إنّ المراد بما ذكره الشارع في بيان المعاد بلفظ الجنّة والنار والحور والقصور والفواكه والأشجار هو التشبيه والتقريب للأفهام الظاهرة ، وإلّا فالمراد في الحقيقة اللذّات والآلام الروحانيّة الحاصلة للنفس بعد خراب البدن ، بسبب تذكّرها للأعمال الحسنة والسيّئة في دار الدنيا. وقد تؤدّي أمثال هذه التأويلات إلى تغيير كلّ من اللفظ والمعنى ، كما عن إتقان السيوطي من أنّ رجلا ممّن يدّعي الباطن قال في قوله تعالى :
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) إنّ معناه : من ذلّ أي من الذلّ ، ذي إشارة إلى