أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال : هكذا يزعمون ، فقال عليهالسلام : بلغني أنّك تفسّر القرآن ، قال : نعم ...» ـ إلى أن قال له ـ : «يا قتادة ، إن كنت قد فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة ، إنّما يعرف القرآن من خوطب به (٢٢)». إلى غير ذلك ممّا ادّعى في الوسائل ـ في كتاب القضاء ـ تجاوزها عن حدّ التواتر. وحاصل هذا الوجه يرجع إلى أنّ منع الشارع عن ذلك يكشف عن أنّ مقصود المتكلّم ليس تفهيم مطالبه بنفس هذا الكلام ، فليس من قبيل المحاورات العرفيّة.
والجواب عن الاستدلال بها (٢١٢) : أنّها لا تدلّ على المنع عن العمل بالظواهر الواضحة المعنى بعد الفحص عن نسخها وتخصيصها وإرادة خلاف ظاهرها في الأخبار ؛ إذ من المعلوم أنّ هذا لا يسمّى تفسيرا ؛ فإنّ أحدا من العقلاء إذا رأى في كتاب مولاه أنّه أمره بشيء بلسانه المتعارف في مخاطبته له ـ عربيّا أو فارسيّا أو غيرهما ـ
______________________________________________________
لكون صاحبه يرجع إليه إذا خرج منه» انتهى.
٢١٢. لا يذهب عليك أنّ هذا الجواب متّجه بالنسبة إلى ما عدا مرسلة شبيب ، لاشتمال ما عداها على التفسير مطلقا أو مقيّدا بالرأي. وأمّا بالنسبة إليها فلا ، لظهورها في عدم جواز استنباط حكم من الأحكام من آية من الآيات على سبيل السلب الكلّي لغير النبيّ صلىاللهعليهوآله وأوصيائه المعصومين عليهمالسلام ، مع عدم اشتمالها على لفظ التفسير مطلقا أو مقيّدا ، سيّما أنّ أبا حنيفة إنّما كان يعمل بظواهر الكتاب لا أنّه كان يؤوّله ، لعدم الاعتبار بالرأي عندهم مع الكتاب والسنّة.
وبالجملة ، إنّها آبية عن الحمل على شيء ممّا ذكر في التفسير مطلقا أو مقيّدا بالرأي. لكنّها لإرسالها غير ناهضة بنفسها للمدّعى. مع أنّ قوله عليهالسلام : «ما ورّثك الله من كتابه حرفا» ظاهر في كون عمل أبي حنيفة بالقرآن من تلقاء نفسه على نحو ما ذكر في الوجه الثاني من وجهي التفسير بالرأي ، لعدم صدق التوريث بالعمل بالظواهر على وجه معتبر.