وبالجملة : فالعمل بالظنّ إذا لم يصادف الاحتياط محرّم إذا وقع على وجه التعبّد به والتديّن ، سواء استلزم طرح الأصل أو الدليل الموجود في مقابله أم لا ، وإذا وقع على غير وجه التعبّد به فهو محرّم إذا استلزم طرح ما يقابله من الاصول والأدلّة المعلوم وجوب العمل بها ، هذا.
______________________________________________________
فإن قلت : إنّه يمكن تقرير الاستصحاب بوجه آخر ، وهو أنّك قد عرفت في بعض الحواشي السابقة أنّ جريان أصالة حرمة العمل بالظنّ إنّما هو في موارد ثلاثة ، منها صورة الشكّ في تحقّق الانسداد الأغلبي. وحينئذ نقول : إنّه إذا فرض انسداد باب العلم غالبا في الأحكام الشرعيّة فلا خلاف حتّى من السيّد وأمثاله في وجوب العمل بالظنّ حينئذ ، وادّعى عليه الحلّي الإجماع ، فإذا فرض بعده حصول الشكّ في ارتفاع الانسداد وبقائه لأجل التمكّن من تحصيل بعض كتب الأخبار التي كان تحصيلها متعذّرا قبله ، فاستصحاب جواز العمل بالظنّ الثابت في حال تحقّق الانسداد يثبت جواز العمل بالظنّ حينئذ أيضا ، فلا يتعيّن وجوب العمل بالاحتياط كما هو المدّعى ، فإذا ثبت جوازه في هذه الصورة ثبت في غيرها بعدم القول بالفصل.
قلت : إنّ وجوب العمل بالظنّ في حال الانسداد إنّما هو من باب حكومة العقل كما سيأتي في محلّه ، ولا معنى لاستصحاب الأحكام العقليّة كما سيجيء في محلّه.
نعم ، لو كان اعتباره من باب الكشف عن جعل الشارع أو بالإجماع كان لاستصحاب الوجوب وجه ، مع أنّه يمكن معارضته بقلب الدليل عليه ، لأنّه إن فرض انفتاح باب العلم في أغلب الأحكام ثمّ شكّ في بقاء الانفتاح وارتفاعه لبعض العوارض تستصحب الحرمة الثابتة حال الانفتاح ، فإذا ثبتت الحرمة في هذه الصورة ثبتت في سابقتها ، بل في صورة الانفتاح أيضا حتّى بالنسبة إلى الموارد النادرة التي يتعذّر فيها تحصيل العلم بعدم القول بالفصل.
فإن قلت : كيف تدّعي عدم القول بالفصل والفاصل موجود؟ لأنّك تدعي