فعله لا لداعي (١٢٠)
______________________________________________________
المعنى في آخر كلامه.
١٢٠. ربّما يوهم ذلك كون المراد من الالتزام في المقام هو الإتيان بالفعل بداعي وجهه من الوجوب أو الحرمة ، وليس ذلك بمقصود يقينا ، كيف وقصد الوجه ليس بمعتبر في العبادات فضلا عن التوصّليات كما هو محلّ الكلام في المقام. فالمقصود نفي الإتيان بالفعل من حيث ثبوت وجوبه شرعا ، لا نفي جعل الوجوب غاية للفعل ليوهم ما ذكر ، والفرق بينهما واضح. فالمراد من الالتزام هو البناء على وجوب الفعل أو حرمته مثلا شرعا ، ثمّ الإتيان بالفعل من هذه الحيثيّة لينطبق العمل عليه.
وحينئذ نقول في توضيح قوله : «ويمكن تقرير دليل الجواز ...» يعني جواز المخالفة الالتزاميّة ، أنّه لو وجب الالتزام نفسا بالمعنى المذكور ، فإن كان بأحدهما المعيّن في الواقع المجهول عندنا فهو تكليف بمجهول ، بل بغير الممكن ذاتا ، وهو أقبح من التكليف في الشبهات البدويّة ، لإمكان موافقة العمل فيها للواقع ولو اتّفاقا ، بخلافه هنا ، إذ البناء على وجوب فعل مثلا لا يمكن إلّا بعد العلم به تفصيلا.
وإن كان بأحدهما المخيّر فيه ففيه : أنّ استفادة هذا الخطاب التخييري من الخطاب الواحد الواقعي المردّد عندنا بين خطابين غير ممكنة ، لكون مقتضى هذا الخطاب الواقعي هو التعيين دون التخيير ، فلو كان مرادا معه من هذا الخطاب للزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، مضافا إلى عدم معقوليّة اتّصاف الفعل الواحد بالوجوب التعييني والتخييري مع اتّحاد الجهة. والعقل أيضا لا يحكم به في مقام الظنّ ولو بواسطة لزوم التكليف بما لا يطاق على تقدير ثبوت التكليف بالواقع ، إذ مثل هذا التكليف قبيح عند العقل كما عرفت ، فكيف يقبله حتّى يحكم لأجله بالتخيير في مقام الظاهر؟!
نعم ، لو ثبت هنا خطابان متزاحمان معتبران شرعا ، كخبرين متعارضين