والمفروض أنّه لا يلزم من إعمال الاصول مخالفة عمليّة له ليتحقّق المعصية ، ووجوب الالتزام بالحكم الواقعي مع قطع النظر عن العمل غير ثابت ؛ لأنّ الالتزام بالأحكام الفرعيّة إنّما يجب مقدّمة للعمل (١١٧) ، وليست كالاصول الاعتقاديّة يطلب فيها الالتزام والاعتقاد من حيث الذات.
ولو فرض ثبوت الدليل ـ عقلا أو نقلا ـ على وجوب الالتزام بحكم الله الواقعي لم ينفع ؛ لأنّ الاصول تحكم (١١٨) في مجاريها بانتفاء الحكم الواقعي ، فهي ـ كالاصول في الشبهة الموضوعيّة ـ مخرجة لمجاريها عن موضوع ذلك الحكم أعني وجوب الأخذ (*) بحكم الله.
هذا ، ولكنّ التحقيق أنّه لو ثبت هذا التكليف ـ أعني وجوب الأخذ بحكم الله والالتزام به مع قطع النظر عن العمل ـ لم تجر الاصول ؛ لكونها موجبة للمخالفة العمليّة للخطاب التفصيلي أعني وجوب الالتزام بحكم الله ، وهو غير جائز حتّى في الشبهة الموضوعيّة كما سيجيء فيخرج عن المخالفة الغير العمليّة.
______________________________________________________
١١٧. حاصله : منع الصغرى ، لعدم توقّف العمل على الالتزام بأحد الحكمين المحتملين في المقام ، لما تقدّم من كون محلّ الكلام هو الواجبات التوصليّة التي يمكن حصولها في الخارج من دون التزام بأحد المحتملين في مقام الظاهر. نعم ، يتمّ ذلك فيما يعتبر فيه التعبّد ، ولكنّه خارج ممّا نحن فيه كما تقدّم. وإثبات الوجوب النفسي للالتزام في الفروع كالاصول قد تقدّم تضعيفه.
١١٨. لصيرورة الشبهة حينئذ موضوعيّة ، لأنّه إذا ثبت وجوب الالتزام بالأحكام الواقعيّة نفسا ، فمع دوران الأمر بين وجوب فعل وحرمته يحصل الشكّ في أنّ موضوع وجوب الالتزام هو وجوب هذا الفعل أو حرمته ، نظير الشكّ في وجوب وطء المرأة المعيّنة وحرمته ، لأجل الشكّ في الحلف على وطئها أو على ترك وطئها. وقد تقدّم كون الأصل في الشبهات الموضوعيّة مخرجا لمجراه من عنوان الحكم المعلوم وموضوعه.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «الأخذ» ، الالتزام.