.................................................................................................
______________________________________________________
بأخبار الآحاد تعيينا في موارد سلامتها عن مكافئ معارض ، وتخييرا في موارد التعارض ، للزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد.
وحينئذ نقول : إنّ شيئا من الوجهين لا يجري في المقام. أمّا الأوّل فلاختصاصه بموارد تعارض الحجّتين ، وما نحن فيه من تعارض الاحتمالين المعلوم ثبوت أحدهما في الواقع من قبيل تعارض الحقّ والباطل ، فلا يمكن قياس أحدهما إلى الآخر ، إذ مقتضى القاعدة فيما نحن فيه هو الرجوع إلى مقتضى الأصل بعد فرض عدم لزوم المخالفة العمليّة من العمل به.
وأمّا الثاني فهو أيضا لا يقتضي التعدّي عن مورده إلى غيره ، إذ بعد فرض كون التخيير في تعارض الخبرين على خلاف القاعدة لا يلزم منه تعدية الحكم إلى تعارض الاحتمالين. والأولويّة إنّما تثبت لو علم كون المناط في حكم الشارع بالتخيير في تعارض الخبرين هو مراعاة احتمال الواقع في أحدهما ، إذ يصحّ حينئذ أن يقال : إنّه إذا ثبتت مراعاة ذلك في الظنّيين ففي موارد العلم الإجمالي بطريق أولى ، ولكن الفرض كون ذلك تعبّديا وعدم العلم بالمناط فيه ، ولو فرض حصول الظنّ به فهو غير كاف في المقام.
ورابعها : وجوب الالتزام بما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وهو هنا لا يمكن إلّا بالالتزام بأحدهما تخييرا. وقد تقدّم الجواب عن ذلك ، فراجع.
وإذا ثبت عدم نهوض الوجوه المذكورة لإثبات وجوب الالتزام في المقام يتعيّن العمل بالأصل في نفي الاحتمالين ، لانحصار المانع فيه ، وقد عرفت عدم صلاحيّته لذلك. ولكنّ المصنّف رحمهالله قد عدل في آخر كلامه إلى المنع عن جواز المخالفة الالتزاميّة ، نظرا إلى كون مرجعها في الحقيقة إلى المخالفة العمليّة ولو في الوقائع المتعدّدة ، سيّما مع كونها خلاف طريقة الأصحاب ، كما يرشد إليه ملاحظة كلماتهم في مسألة الإجماع المركّب ، واختلاف الامّة على قولين ، وما ذكروه في مسألة البراءة في حكم ما دار الأمر فيه بين محذورين ، حيث إنّ الأكثر في المسألة