الثالث : أن يلتزم بتقييد الأحكام المذكورة بما إذا لم يفض إلى العلم التفصيلي بالمخالفة ، والمنع ممّا يستلزم المخالفة المعلومة تفصيلا ، كمسألة اختلاف الامّة على قولين. وحمل أخذ المبيع (١١٠) في مسألتي التحالف على كونه تقاصّا شرعيّا قهريّا عمّا يدّعيه من الثمن أو انفساخ البيع بالتحالف من أصله أو من حينه ، وكون أخذ نصف الدرهم مصالحة قهريّة. وعليك بالتأمّل في دفع الإشكال عن كلّ مورد بأحد الامور المذكورة ؛ فإنّ اعتبار العلم التفصيلي بالحكم الواقعي وحرمة مخالفته ممّا لا يقبل التخصيص بإجماع أو نحوه.
إذا عرفت هذا ، فلنعد إلى حكم مخالفة العلم الإجمالي ، فنقول : مخالفة الحكم المعلوم بالإجمال يتصوّر على وجهين : الأوّل : مخالفته من حيث الالتزام ، كالالتزام بإباحة (١١١)
______________________________________________________
١١٠. معطوف على قوله : «بتقييد الأحكام ...».
١١١. قد مثّل للمخالفة الالتزاميّة بمثالين ، أحدهما من الشبهة الموضوعيّة ، والآخر من الشبهة الحكميّة. واشترط في الأوّل اتّحاد زماني الوجوب والحرمة ، وفي الثاني عدم كون أحدهما المعيّن تعبّديا. والوجه فيهما واضح ، إذ الالتزام بالإباحة مع اختلاف زماني الوجوب والحرمة ربّما يؤدّي إلى المخالفة العمليّة ، كما إذا ترك الفعل في زمان احتمال وجوبه ، وأتى به في زمان احتمال حرمته. وكذلك مع كون أحدهما المعيّن تعبّديا محتاجا إلى قصد القربة ، ربّما يؤدّي الالتزام بالإباحة إلى المخالفة العمليّة القطعيّة ، لأنّه مع دوران فعل بين كونه واجبا تعبّديا وحراما توصّليا أو بالعكس ، بأن دار الأمر بين كون تركه واجبا تعبّديا وفعله واجبا توصّليا ، فإذا أتى به من دون قصد قربة في الأوّل أو تركه كذلك في الثاني يحصل العلم بمخالفة العمل للواقع. وأمّا إذا كان كلا الاحتمالين تعبّديين فأولى بالمخالفة.
نعم ، لو كان أحدهما غير المعيّن تعبّديا فهو في حكم كون كليهما توصّليين في عدم لزوم القطع بمخالفة العمل للواقع ، لأنّه مع دوران فعل بين كون الإتيان به