.................................................................................................
______________________________________________________
الثاني أيضا؟ كما إذا ثبت وجوب إكرام زيد ، وأمكن تحصيل العلم بإكرامه تفصيلا ، وبإكرام شخصين أحدهما زيد. فليس المقصود منه دوران الأمر بينهما في صورة اجتماعهما ، لعدم معقوليّتها ، إذ العلم بأنّ هذا الشخص زيد وأنّه واجب الإكرام لا يجتمع مع العلم الإجمالي بأنّ أحد هذين الشخصين زيد وأنّه واجب الإكرام ، لارتفاع الإجمال بالتفصيل ، بخلاف صورة دوران الأمر بين الظنّ التفصيلي بالموافقة ـ خاصّا كان أو مطلقا ـ وبين العلم الإجمالي ، لإمكان اجتماعهما ، إذ يمكن حصول العلم إجمالا بأنّ أحد هذين الشخصين زيد ، مع الظنّ الحاصل من البيّنة أو غيرها بأنّ أحدهما بالخصوص زيد.
والحاصل : أنّ المقصود من جواز الاجتزاء بالموافقة الإجماليّة في الصورة الاولى جواز ترك تحصيل العلم التفصيلي بها ابتداء ، وفي الصورة الثانية أعمّ من ذلك ، أعني : جواز ترك تحصيل الظنّ التفصيلي ـ خاصّا أو مطلقا ـ بها ، ومن جواز ترك الظنّ الفعلي بها.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أنّك قد عرفت أنّ الكلام في المقام الثاني أيضا يقع في مقامين ، فتارة في المعاملات بالمعنى الأعمّ ، واخرى في العبادات بالمعنى الأخصّ. والمصنّف رحمهالله قد حكم بأنّ مقتضى القاعدة في المقامين جواز الاقتصار في الامتثال على العلم الإجمالي بإتيان المكلّف به ، وأنّ ذلك في المقام الأوّل في غاية الوضوح من دون فرق بين أقسامه. والوجه فيه : أنّ غرض الشارع في الواجبات التوصّلية هو مجرّد مطابقة العمل للواقع ، والفرض حصول هذا الغرض مع الاحتياط وترك تحصيل العلم التفصيلي بالموافقة ، وكذلك مع ترك الظنّ التفصيلي خاصّا كان أو مطلقا ، بل بطريق أولى كما تقدّم. والشبهات التي يمكن توهّم كونها مانعة من جواز الاحتياط في العبادات ـ كما ستجيء في كلام المصنّف رحمهالله ، وسنشير إلى ما يتعلّق بها ـ غير جارية هنا ، ولذا حكم المصنّف رحمهالله بكون الأمر هنا في غاية الوضوح.