.................................................................................................
______________________________________________________
وكيف كان ، فتوضيح الكلام في الأقسام التي أشار إليها : أنّ الكلام في العلم الإجمالي تارة يقع في اعتباره من حيث إثبات التكليف به ، بمعنى أنّ المكلف الذي فرض فراغ ذمّته من تكليف خاصّ إذا حصل له العلم به إجمالا ، فهل يوجب ذلك اشتغال ذمّته به كالعلم التفصيلي مع قطع النظر عن كيفيّة امتثاله ، أم هو كالمجهول رأسا؟ وبعبارة اخرى أنّ العلم الإجمالي هل يوجب تنجّز التكليف إجمالا مع قطع النظر عن كيفيّة امتثاله في مقابل السلب الكلّي ، أم لا؟ فالمقصود من تشبيهه بالعلم التفصيلي إنّما هو تشبيهه به في الجملة ، لما سيشير إليه من مرتبتي اعتبار العلم الإجمالي ، وهما لا تتأتّيان في العلم التفصيلي ، لوجوب الموافقة القطعيّة فيه لا محالة.
واخرى : يقع في كيفيّة امتثاله مع قطع النظر عن كيفيّة ثبوته ، بمعنى أنّه إذا فرض اعتبار العلم الإجمالي وكونه مثبتا للتكليف وموجبا لاشتغال الذمّة ، مع قطع النظر عن كيفيّة اعتباره كما سنشير إليه ، فهل يكتفى في امتثاله بالموافقة الإجماليّة مع إمكان العلم بالموافقة التفصيليّة أم لا؟ والأولى بدل قوله «فلا يجوز» أن يقال : فلا يجزي.
ثمّ إنّه بعد البناء في المقام الأوّل على اعتبار العلم الإجمالي في مقابل السلب الكلّي ، يقع الكلام في كيفيّة اعتباره ، لما أشار إليه من قوله : «لأنّ اعتبار العلم الاجمالي له مرتبتان». الاولى : حرمة المخالفة القطعيّة ، بأن يكتفى في امتثاله بالموافقة الاحتماليّة التي هي أدنى مرتبتي الامتثال. الثانية : وجوب الموافقة القطعيّة التي هي مقتضى ثبوت تعلّق غرض الشارع بنفس الواقع. وأحال الكلام في المرتبة الثانية إلى مسألة البراءة والاشتغال عند الشكّ في المكلّف به ، وإنّ المقصود هنا هو التكلّم في المرتبة الاولى من المقام الأوّل ، دفعا لتوهّم أنّ عنوان البحث عن العلم الإجمالي هناك يغني عن عنوان البحث عنه هنا. ومقصوده أنّ الغرض الأصلي هناك وهنا هو ما ذكر ، وإن كان قدسسره قد عنون البحث في المرتبة الاولى ثمّة أيضا ، إلّا أنّ ذلك منه هناك استطرادي وليس مقصودا بالأصالة.