الثالث : قد اشتهر في ألسنة المعاصرين (٨٠) : أنّ قطع القطّاع لا اعتبار به. ولعلّ الأصل في ذلك ما صرّح به كاشف الغطاء قدسسره ـ بعد الحكم بأنّ كثير الشكّ لا اعتبار بشكّه ـ قال : وكذا من خرج عن العادة في قطعه أو في ظنّه ، فيلغو اعتبارهما في حقّه (١٥) ، انتهى.
______________________________________________________
٨٠. منهم صاحب الجواهر. ولا يذهب عليك أنّ المراد بالقطّاع ليس من كثر قطعه كما أنّ المراد من الشكّاك من كثر شكّه ، بل المراد منه من كان سريع القطع ، بأن يحصل له القطع من الأسباب التي لا تورث القطع لمتعارف الناس لو وجدت عندهم على النحو الذي حصلت عند هذا الشخص. وقد أشار المصنّف رحمهالله إلى هذا المعنى عند بيان عدم اعتبار ظنّ الظنّان. فهو مقابل ذي الوسواس الذي لا يحصل له القطع من الأسباب المتعارفة. والوجه فيما ذكرناه من عدم كون المراد منه من كثر قطعه أنّ المناط في الخروج عن متعارف الناس هو ما ذكرناه لا مجرّد كثرة القطع ، وإن كان التلازم بينهما غالبا.
ثمّ إنّ الاحتمالات التي احتملها المصنّف في كلام كاشف الغطاء إنّما هي لمجرّد بيان شقوق المسألة وعدم السرعة إلى تخطئة العلماء ، وإلّا فالذي ينبغي حمل كلامه عليه هو الاحتمال الثاني على احتماله الأوّل ممّا احتمله فيه ، كما استظهره المصنّف رحمهالله في الجملة بنفيه الاحتمال الأوّل بقوله : «لكن ظاهر كلام من ذكره في سياق كثير الشكّ إرادة غير هذا القسم».
فإن قلت : إنّ ذكره في سياق كثير الشكّ يؤيّد إرادة الاحتمال الأوّل ، فإنّ الشكّ في عدد ركعات الصلاة من باب الموضوعيّة دون الطريقيّة.
قلت : إنّ وجه كون ما ذكر قرينة لإرادة الاحتمال الثاني إنّما هو باعتبار أنّ ذكره في سياق كثير الشكّ يقتضي إرادة عدم اعتبار قطع القطّاع في عدد ركعات الصلاة ، ولا ريب أنّ القطع بالركعات إنّما هو من باب الطريقيّة دون الموضوعيّة. ويؤيّده قوله : «فيلغوا اعتبارهما في حقّه» فإنّه لو كان مراده القطع المأخوذ من باب