وممّن وافقهما على ذلك في الجملة المحدّث البحراني في مقدّمات الحدائق ، حيث نقل كلاما للسيّد المتقدّم في هذا المقام واستحسنه ، إلّا أنّه صرّح بحجّية العقل الفطري الصحيح وحكم بمطابقته للشرع ومطابقة الشرع له. ثمّ قال : لا مدخل للعقل في شيء من الأحكام الفقهيّة من عبادات وغيرها ، ولا سبيل إليها إلّا السماع عن المعصوم عليهالسلام ، لقصور العقل المذكور عن الاطّلاع عليها. ثمّ قال :
نعم ، يبقى الكلام بالنسبة إلى ما لا يتوقّف على التوقيف ، فنقول : إن كان الدليل العقلي المتعلّق بذلك بديهيّا ظاهر البداهة ـ مثل الواحد نصف الاثنين ـ فلا ريب في صحّة العمل به ، وإلّا : فإن لم يعارضه دليل عقلي ولا نقلي فكذلك. وإن عارضه دليل عقلي آخر : فإن تأيّد أحدهما بنقلي كان الترجيح للمتأيّد بالدليل النقلى ، وإلّا فإشكال. وإن عارضه دليل نقلي : فإن تأيّد ذلك العقلي بدليل نقلي كان الترجيح للعقلي ـ إلّا أنّ هذا في الحقيقة تعارض في النقليّات ـ وإلّا فالترجيح للنقلي ، وفاقا للسيّد المحدّث المتقدّم ذكره وخلافا للأكثر.
هذا بالنسبة إلى العقلي بقول مطلق ، أمّا لو اريد به المعنى الأخصّ ، وهو الفطري الخالي عن شوائب الأوهام الذي هو حجّة من حجج الملك العلّام ـ وإن شذّ وجوده في الأنام ـ ففي ترجيح النقلي عليه إشكال (٣) ، انتهى. ولا أدري كيف جعل الدليل النقلي في الأحكام النظريّة مقدّما على ما هو في البداهة من قبيل «الواحد نصف الاثنين» ، مع أنّ ضروريّات الدين والمذهب لم يزد في البداهة على
______________________________________________________
النبيّ صلىاللهعليهوآله عن الركعتين في الصلاة. وما تقدّم من صاحب رسالة نفي السهو ممنوع ، بل العقل والعقلاء يشهدون بكون السهو في الركعتين أهون من النوم عن فريضة الصبح ، وإنّ هذا النائم أحقّ بالتعيير من ذلك الساهي ، بل ذاك لا يستحقّ تعييرا. وكون نفس السهو نقصا دون نفس النوم لا ينافي كون هذا الفرد من النوم أنقص ، لكشفه عن تقصير صاحبه ولو في المقدّمات. وبالجملة ، فصدور هذا مخالف لما يحصل القطع به من تتّبع متفرّقات ما ورد في كمالاتهم ، وعدم صدور القبائح منهم فعلا وتركا في الصغر والكبر عمدا وخطأ» انتهى موضع الحاجة.